------ ----- --------- التنمية المستدامة في التربية والتعليم التنمية المستدامة في التربية والتعليم -------

القائمة الرئيسية

الصفحات

=================

  

التنمية المستدامة في التربية والتعليم

 


هنا نحاول ان نوضح مفهوم التنمية المستدامة بطريقة مفصلة ثم نتطرق الى رؤية له من جانب التربية والتعليم العالي باعتبارها من اوليات هذا العصر المعرفي. حيث تهدف التنمية بطبيعتها تحقيق تقدم مستمر فى حياة جميع افراد المجتمع ورفاهيتهم. وهي تقوم على أساس مساهمة جميع افراده بشكل فعال وحرفي فى مشروع التنمية، والتوزيع العادل لعائداته. مما يستلزم قيادة مرموقة تستطيع مواكبة التجديد فى المجتمع وقادرة على تلبية متطلباته، المتركزة على إعداد المواطن العالمى الإيجابى الذى يسهم فى حل مشكلاته ومشكلات مجتمعه.  

 

حيث شغلت التنمية المستدامة مكانة القمة والصدارة فى قضايا التنمية البشرية. حيث بات واضحاً أن برامجها (اي التنمية المستدامة) فى سبيلها لأن تصبح علماً اجتماعياً جديداً له بنيته الفكرية ومنطقه الخاص. وهدفه تنمية قدرات ومهارات ومعارف المجتمع (افرادا ومؤسسات) واستثمارها وفق معايير الكفاية والفاعلية والاستمرارية.

 

 

فقد وضع برنامج (اليونسكو) الدولى للتربية البيئية عملية إعداد المعلمين فى أولى خطوات العمل  لتحسين فعالية التربية البيئية. وفيه يتحدد دورهم فى المساعدة (والعمل) فى إحداث التغيرات الاجتماعية المطلوبة على المدى الطويل نحو المستقبل المستدام. والذى يتحقق من خلال التزامهم بمبادئ  التعليم من أجل التنمية المستدامة والقائمة على توجيه عملية تعلم المتعلمين لكيفية المشاركة والاسهام فى الآليات المجتمعية التى تسرع فى التحول نحو الاستدامة.



التنمية المستدامة في التربية والتعليم 


 

كما أوضح واكدت مؤتمرات عالمية عديدة المعنى بالبيئة وتطويرها. الحاجة إلى تحسين عملية اعداد المعلم فى مجال التربية والتعليم من أجل التنمية المستدامة. والتزمت اغلب المؤسسات والانظمة بتحديث أو إعداد الاستراتيجيات الهادفة إلى تكامل البيئة وتطويرها. كمؤشر او قضية مشتركة بين القطاعات التعليمية على كل المستويات. فقد اهتمت السلطات التعليمية بتطوير برنامج التدريب  قبل الخدمة وأثناء الخدمة والتى توضح طبيعة وطرق التدريب من أجل الاستدامة لكل المعلمين.

 

وعليه نستطيع القول بأنه بات واضحاً أن التعليم عامل حاسم لإنجاز التنمية المستدامة، ولم يعد الأمر ترفاً أو أمراً شكلياً. إذ تهتم به الدول، متقدمها وناميها على حد سواء. من خلال وعيها وإدراكها أن الدور الحقيقى الفاعل نحو التنمية المستدامة. لن يتحقق إلا من خلال الإنسان القادر، والواعى بأهمية التنمية المستدامة له وللأجيال التالية.

 

 فاصبحت الحاجة ماسة لعمل إصلاحات حقيقية جذرية شاملة بالجامعات المسؤولة عن ذلك. فى سبيل إعداد أفراد مؤهلين تأهيلاً جامعياً عالياً، يُناط بهم تحمل مهمات إنجاز التنمية المستدامة بكفاءة واقتدار، وإنتاج بحوث علمية رصينة. وبما يسهم فى حل مشكلات المجتمع والنهوض به صوب تحقيق التنمية المستدامة. وكذلك نشر الوعى بين أفراد المجتمع للمساهمة فى تلبية متطلبات التنمية المستدامة فهم عنصر فعال في تلك القضية.

 

  

تعريف التنمية المستدامة

يعرفها المجلس العالمي لمبادرات التنمية البيئية المحلية (1994) بأنها توفير وتقديم الخدمات البيئية والاجتماعية والاقتصادية الأساسية لكل السكان في جماعة بدون تهديد لكفاءة النظم الطبيعية والبنائية والاجتماعية التي يعتمد عليها تقديم تلك الخدمات (Mawhinney, 2002,p 3).

 

وفهاك الكثير من التعريفات لها الا انها تشترك في مفهومها الفكري. فالتنمية التي تجيب عن حاجات الحاضر دون تعريض قدرات الأجيال القادمة للخطر والاستجابة لاحتياجاتهم. وتطور تعريف المفهوم في الاستراتيجية الجديدة للحفاظ علي الطبيعة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة : الى فعل تحسين شروط وجود المجتمعات البشرية مع البقاء في حدود قدرة تحمل أعباء الأنظمة البيئية.

وهي تتضمن مفهومين أساسيين هما:                  

·     إعطاء الأولوية المطلقة لمفهوم الحاجات وخصوصاً الحاجات الأساسية لفقراء العالم.

فكرة القيود والتي توفرها حالة التكنولوجيا والتنظيم الاجتماعي علي قدرة البيئة للاستجابة لحاجات الحاضر والمستقبل.

                                                                                      (شبارة، 2002، ص 13). 

  

 

التنمية المستدامة فى التعليم الجامعى: المفهوم والأهداف والمتطلبات

مثل ما هو معلوم فقد مر مفهوم التنمية المستدامة بمراحل متعددة، ففي سنوات الخمسينيات والستينيات ساد (النموذج التنموي). الذي يرمي إلي تنمية العالم من أجل تحقيق الرخاء والسلام بوصف الأحوال الاجتماعية بواسطة المصطلحات الاقتصادية. مما أدي بالضرورة إلى الشعار القائل التنمية من أجل محاربة الفقر من أجل سلام العالم والذي ترجم عملياً إلى (التنمية الاقتصادية من أجل الرخاء عن طريق زيادة الإنتاج).

 

وفي عام 1972 وافقت الحكومات علي حضور مؤتمر للأمم المتحدة حول (المشاكل البيئية) باستوكهلم. وتلخصت نتيجته النهائية في "التنمية من أجل البيئة الإنسانية". وإعداد نموذج تنمية محترمة للبيئة والإدارة الفعالة للموارد الطبيعية. واستخدمت عبارة التنمية المستدامة للمرة الأولى عام 1980 في الاستراتيجية العالمية للبقاء. المنشورة من قبل الاتحاد الدولي للطبيعة والصندوق العالمي للطبيعة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.

 

وفي عام 1983 أسست الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحددت في وثائقها بين مفهوم التنمية والمفاهيم البيئية باستعمال مصطلح التنمية المستدامة والثالوث التنموي، الاقتصاد والمجتمع الإنساني والبيئة.

  

 وفي عام 1992 أصبحت التنمية المستدامة تركز علي مكونات تشكل التحدي الأكبر أمام البشرية وهي: التحكم بالتعداد السكاني، تنمية الموارد البشرية، والإنتاج الغذائي، والتنوع الحيوي (أبو شريحة، 2005، ص ص 3-5).

 

وتعددت تعريفات التنمية المستدامة في العقدين الأخيرين وتناولتها المؤسسات والهيئات والروابط والاتحادات والجمعيات المعنية بالبيئة والتنمية علي مستوي العالم باهتمام. حيث يقرر علماء التنمية المستدامة أن الارتقاء الفعلي لا يمكن أن يحدث إلا إذا كانت الاستراتيجيات الموضوعة والمنفذة. قابلة للتواصل بيئياً  علي المدى الطويل ومتوائمة مع القيم الاجتماعية والمؤسسية مع تشجيع المشاركة الشعبية في عملية التنمية. ولأن الهدف الأساسي هو تقديم سبل معيشة آمنة ودائمة تقلل من استنفاذ الموارد والتدهور البيئي والثقافي وعدم الاستقرار الاجتماعي. فإن العملية يمكن أن ينظر إليها من خلال التفاعل بين ثلاثة أنظمة : النظام البيولوجي والموارد والنظام التكنولوجي والنظام الاقتصادي والاجتماعي. (تقرير المجلس القومي للخدمات والتنمية الاجتماعية، 2004 -2005، ص 14).

 

 

 

مقومات التنمية المستدامة:

التنمية المستدامة الاستمرار أو التواصل فى عملية التنمية، ويشير هذا الأمر إلى قيمة المساواة بين الأجيال. ويرتبط هذا الفكر بأن الجيل الحالي مطالب بالتحقق من صُون البيئة وتنوع إنتاجية الموارد الطبيعية أو زيادتها من أجل صالح الأجيال القادمة. كما أن المساواة تعني التوزيع  المناسب والعادل للموارد والحقوق والثروات بين الأفراد عبر الزمن. وكذلك دور كل دولة في استثمار مواردها وتنميتها بصفة مستمرة. وأهم أنواع التواصل الناشئة عن مفهوم التنمية المتواصلة هي:

·     التواصل بين تنمية الأجيال الحالية والقادمة .

·  التواصل الرشيد بين كل فرد وآخر علي مستوي الأجيال الواحدة من المقيمين بالمستويات المختلفة (محلية، إقليمية، قومية، دولية).

·    التواصل بين التنمية والبيئة من جهة وبين أنواع التنمية الأخرى (اجتماعية واقتصادية وسياسية  ...) من جهة أخرى.

·    التواصل بين أبعاد عملية تربية الفرد وتنميته من الجوانب المختلفة عقلياً واجتماعياً واقتصادياً وصحياً وأخلاقياً من جهة. وبين تربية الفرد بيئياً من جهة أخرى.

 

إن التنمية البشرية المستدامة تعني بناء قدرات العمل الجماعي بين البشر لتحقيق اهتماماتهم المشتركة في المجتمع المحلي ضمن سياق القابلية للاستدامة البيولوجية، والثقافية، والاقتصادية.

 

كما أنها هى عملية توجيه البشرية نحو التنمية القائمة على:

·     القيم الإنسانية الرفيعة: الحب، والصدق، والاحترام، والتواضع، والرأفة.

·     تبادل الأفكار المبتكرة من خلال التواصل، والتعاون، والتنسيق.

·     القدرة علي التكيف مع المجريات الحياتية باعتباره نظام قابل للتغير وإدراك مضامين العلاقات.

·     الصبر في بحث القضايا الأساسية وعدم التسرع فى تطبيق الحلول الممكنة والحلول السريعة لعلاج مشكلة ما.

·     العمل علي تكامل المنطقة التعليمية داخل نطاق العمل في دائرة مستمرة من النظرية، والتجريب، والفعل، والتأمل.

·     رؤية اجتماعية مشتركة قائمة على الاستدامة طويلة المدى ثقافياً وبيئياً.

                                                                               (Maser, 1996, p174)

 

 

    فالتنمية المستدامة تعني إطالة أعمار الأصول الإنسانية والتعليمية والثقافية للمجتمع مع التحديث والتطوير. برؤى وطنية بعيدة عن التقليد والتكرار. فالتنمية المستدامة تسعي إلي الحفاظ علي التراث والحضارة العربية والإسلامية. وتحليل التاريخ لأخذ العبر والدروس المستفادة لتجنب تكرار الإنحرافات والأخطاء (النجار، 2002، ص 48).

      

     

أهداف التنمية المستدامة

فى ضوء ما سبق تصبح الأهداف التى تسعي التنمية المستدامة إلي تحقيقها هي:

·     الاندماج والتكامل البيئى: أي اندماج اهتمامات الحفاظ علي الحيوية والتنوع الجيني في مجمل أعمال المجتمعات البشرية. وكذلك الأنواع وكل النظم البيئية الطبيعية الأرضية والفضائية عبر إجراءات حماية جودة البيئة والإدارة المستمرة لاستثمار الحيوانات والنباتات واستهلاكها.

·     تحسين العدالة الاجتماعية: أي تسهيل إشباع الحاجات الأساسية للتجمعات البشرية الحالية والمستقبلية. وتحسين جودة الحياة وتوفير فرص العمل للجميع. وكذلك التعليم والعناية الصحية والخدمات الاجتماعية والسكن الجيد واحترام حقوق وحرية الأفراد من خلال مشاركتهم في اتخاذ القرار .

·     تحسين الفاعلية الإقتصادية: أي تشجيع الإدارة المُثلي للموارد البشرية والطبيعية والمالية. بُغية السماح لاشباع حاجات التجمعات البشرية من خلال تحميلهم المسئوليات للمؤسسات والمستهلكين إزاء السلع والخدمات التي ينتجونها ويستخدمونها.    

 

حيث دلت الدراسات المقارنة العالمية علي أن التنمية المستدامة تتطلب الالتزام بسياسات وإدارة إقتصادية سليمة وإدارة عامة فعالة ويمكن التنبؤ بها وتكامل الاهتمامات البيئية في عملية اتخاذ القرارات والتقدم المُحرز نحو إقامة حكم ديمقراطي في ضوء الأوضاع المُحددة لكل قُطر مما يسمح بالمشاركة التامة من جميع الأطراف المعنيين (الحفار، 1996، ص 155).

 

  

متطلبات التنمية المستدامة

  وتتمثل فى توافر النهج الجديدة واستثمار تقنية المعلومات واستخدام منهج بحث علمى جديد وتوفر العلم المتكامل والشراكات والالتزام المؤسسى:

 

توظيف النهج الجديدة المساعدة في وضع التعلم والتنمية المؤسسية في قلب جهود التنمية المُستدامة. أي المشروعات والبرامج المُصممة حول التنمية المؤسسية وليس العكس.

  وتعترف هذه النهج بأن بناء القدرة لا يُستكمل في بضع سنوات، وتعترف بأن للقدرة مكوناً قوياً من رأس المال الاجتماعي. لا يشمل الأشخاص فقط ولكن يشمل أيضاً الشبكات الاجتماعية التي تربط واضعي السياسة والخبراء والمجتمع المدني والقطاع الخاص. وتستخدم النُهج الجديدة مجموعة متنوعة من الأنواع الجديدة لمنظمات التعلم لحفز كلٍ من الطلب والعرض بالنسبة للمهارات المؤسسية. وتتضمن:

 

-       مراكز الدراسة والعمل : وهي موجهة نحو تحليل السياسات ونحو العمل. وتُقيم روابط (توأمة) مع الجامعات ومراكز الدراسة في البلدان النامية الأخرى. وفي العالم المتقدم ومع الوكالات التنفيذية الحكومية في بلدانها الخاصة ومع الحكومات المحلية ومنظمات المجتمع المحلي التي تعمل ميدانياً.

-       منظمات البحث العلمي القائمة في العالم النامي: وتضم خبرات محلية وعالمية. وتساعد في رعاية مُنظِمي السياسات بالوطن في المجال العلمي ومجال السياسات علي حد سواء.

منظمات المجتمع المدني لرصد وتقييم أداء الحكومات والشركات وهي تُعد تقارير عن مصروفات وأنشطة الحكومات والشركات. وتساعد في تحسين خضوع الحكومات والشركات للمساءلة وخلق حوافز للرصد والتقييم داخل الحكومة والشركات. وحشد الطلب العام في التحسينات المؤسسية .

وظائف الرصد والتقييم السائدة داخل الوكالات الحكومية استجابة للطلب الداخلي والعام  علي حد سواء. لزيادة الكفاءة والخضوع للمساءلة.

 

توافر تِقْنية المعلومات الضرورية للتنمية المُستدامة ويتمثل دورها فيما يلي:

-       تعزيز أنشطة البحث والتطوير لتعزيز تكنولوجيا المواد الجديدة وتكنولوجيا المعلومات والإتصالات. والتكنولوجيا الحيوية واعتماد الآليات القابلة للاستدامة.

-       تحسين أداء المؤسسات الخاصة من خلال مدخلات معينة مستندة إلي التكنولوجيات الحديثة. واستحداث أنماط مؤسسية جديدة تشمل مدن وحاضنات التكنولوجيا.

-       تعزيز بناء القدرات في العلوم والتكنولوجيا والابتكار. بهدف تحقيق أهداف التنمية المُستدامة في الاقتصاد القائم علي المعرفة. ولا سيما أن بناء القدرات هو الوسيلة الوحيدة لتعزيز التنافسية وزيادة النمو الاقتصادي وتوليد فرص عمل جديدة وتقليص الفقر.

-       وضع الخطط والبرامج التي تهدف إلي تحويل المجتمع إلى مجتمع معلوماتى. بحيث يتم إدماج التكنولوجيات الجديدة في خطط واستراتيجيات التنمية الاجتماعية والاقتصادية. مع العمل على تحقيق أهداف عالمية كالأهداف الإنمائية للألفية.

-    إعداد سياسات وطنية للابتكار واستراتيجيات جديدة للتكنولوجيا مع التركيز على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

                                                                                   (عمران ، 2007 ، ص 3).

  

توافر منهج بحث علمي جديد، وهناك عدة اعتبارات لابد من توافرها عند صياغة منهج متكامل :

·     تحديد احتياجات البحث من خلال إشراك المنتفعين المحليين .

·     تعاون التخصصات المتنوعة فى حل المشكلات.

·     ينبغى ايجاد توازن بين حاجات الإنسان والمحافظة علي الموارد الطبيعية عند تحديد أولويات البحث .

·     توافر التسهيلات ومصادر المعلومات المطلوبة لإنتاج بحث علمى مناسب .

·     تدعيم قدرات البحث الوطنية لتأكيد استمرارية البحث بعد انتهاء المشروع .

·     توافر فرص التدريب المستمر علي كل المستويات .

·     أن تقود الأنشطة البحثية إلي تحسين الأحوال المحلية و مستوي معيشة البيئة المحلية .

·     استثمار النتائج البحثية  فى صُنع السياسة  والتخطيط الاقتصادي علي كل المستويات .

·     تقديم النتائج البحثية لأكبر عدد من الجمهور ونشرها فى مجلات علمية بقدر الإمكان .

·     عمل تحليل النفقات والعوائد حتي يمكن الاستخدام الأمثل للموارد الخارجية والداخلية.

·     بناء البحث العلمى علي المعرفة المحلية التجريبية كإحدى وسائل المحافظة على الموارد الطبيعية .

(O'callaghan,1994, p 270)                                                                         

 

   ومما يجعل الاستدامة غير معتادة لا يكون فى الميل إلى التعميم ولكن فى تطبيقها الواعي بداخل عدة بيئات. فالمشكلة الحقيقية هي أن الاستدامة كلمة مشمئزة للعديد من الأفراد لأنه غالباً يُساء استخدامها وبطريقة غير دقيقة. 

كما أن استمرار كل رجل سياسي فى استخدام مصطلح "الاستدامة". بحرية كعلامة مميزة لرؤيته الشخصية دون إدراك معناها الحقيقى يجعله يخاطر بتخفيض قيمة المصطلح (Cullingford,2004.pp17-18).

 

   وتتضح جوانب الفشل لنظام التعليم العالي فى: الفشل فى تحقيق أهداف وغايات التعليم عندما لا تأخذ في اعتبارها الاستدامة. والتأثيرات الجانبية غير المرغوبة والتى تشمل انتشار الأمية البيئية والآثار المترتبة عليها. ويرجع فشل النظام الأساسي إلي العجز المستمر فى تكييف أنظمته الاقتصادية والاجتماعية بكفاءة طبقاً للمحيط البيئي وقيوده وقوانينه والطبيعة النظامية للمنطقة البيئية.

 

    إذن الاستدامة هي قدرة النظام علي استمراره الذاتى فى علاقته ببيئته. والتأكيد علي أن كل الأنظمة مكونة من الأنظمة  الفرعية وهي أجزاء من وراء المنظومات الكبيرة. فالنظام الذي يَعوق كلا من ازدهار أنظمته الفرعية الخاصة ويعوق ازدهار تحول ما وراء النظام يكون غير مُستدام. وبالتالي فإن النظام القابل للتطبيق هو إحدي الأنظمة القادرة علي البقاء والأكثر ازدهاراً وتطوراً في بيئته العملية (Sterling,2004,pp 51-52) .

 

ويتطلب التعليم العالي للاستدامة كما أكد ديكنز Dickens علم متكامل. يوضح مفهوم التنمية المستدامة وعملياتها الفيزيقية الاحيائية والبيئية والاجتماعية من منظور العلوم الاجتماعية والعلوم الفيزيائية والطبيعية. وتكامل المعرفة الموضوعية للأفراد مع المعرفة الأكاديمية عن التنمية المستدامة، حتي يستطيع الطلاب إدراك العلاقات بين  مختلف  المعارف(Huckle, 2004,p34) .

 

مشاركة الجامعة فى التكامل المحلي والدولى من خلال اتصالاتها الدولية وقبولها الكبير لقواعد البيانات. وكفاءة الكوادر والربط بين النظرية والتطبيق في مجالات العلوم المختلفة. ويتأتى ذلك باهتمام الجامعة بالشراكات الرسمية واللارسمية. وأن تتضمن أنشطة التكامل التخصصات القائمة على التجديد وربطها بالتخصصات العالمية  (Hansen, 2006,p821).

 

إن الجامعات ينبغى أن تأخذ في الاعتبار بناء القيادة من أجل التنمية المُستدامة فى أولى أولوياتها. ولا ينبغى أن يركز التعليم علي نقل المعرفة، ولكن علي تعزيز قدرة الناس للقيام بدورٍ فعال في التنمية المُستدامة  مع ضرورة القبول المتكافئ للمرأة (Clugston,2002,p4).

 

 

تتطلب الاستدامة فى البرمجة إعادة توجيه تربوي جاد. فنماذج التوجيه التربوي تتجه من التعلم الاستهلاكي إلي التعلم الاكتشافي وحل المشكلة الابداعي. ومن التركيز علي المدرس إلي الترتيبات المركزة علي المتعلم. ومن التعلم الفردي إلي التعلم التعاوني ، ومن التعلم المركز علي النظرية إلي التعلم الموجه بالتطبيق العملي. ومن تراكم المعرفة المطلق إلي توجيه القضية المشكلة، ومن التعلم المركز علي المحتوي إلي التعلم المنظم ذاتياً. ومن التعلم المركز علي كادر المؤسسة إلي التعلم مع ومن الكادر الخارجي. ومن تعلم معرفي ذا مستوي منخفض إلي تعلم معرفي ذا مستوي عالي والتأكيد علي الأهداف المعرفية والمهارية والفعالة أيضاً.

 

إن الاستدامة تكون مفيدة عملياً عندما تكون نواة للتدريس والتعلم والتي قد تُهمل أو تستمر عبر مرور الوقت من خلال مُوجَه آخر. وعندما تُصبح  الاستدامة مبدأ مُنظم أو غاية مُحددة مُسبقاً للتعليم. فإنها من المحتمل أن تكبت الإبداعية أو التفكير الناقد وقد تُصبح بعد ذلك غير مربية. فالتركيز على الاستدامة يتيح الفرصة للتعلم وطرق جديدة للمعرفة. فهي مدخل مثالي لنظرية المعرفة وعلم الوجود والأخلاقيات وهي في الواقع تربوية تماماً (Wals,2002,p 226).

 

 

يتطلب تدريس الاستدامة نقل النماذج الفكرية واعتبار القائمين بالتدريس أنفسهم متعلمين أيضاً. واعتبار الطلاب والمجموعات المهتمة مستودع للمعرفة والمشاعر . ومناقشة غاية العقل البشري والمسئولية الإنسانية، والثقة في المقدرة الإنسانية على الإبداع.

 

 قيام الجامعات بمراجعة منهجها للتأكد من التطوير الفعال وتقييم المهارات العامة في التعليم من أجل الاستدامة عبر كل الكليات. وأن تتضمن قطاع المستفيدين شاملةً التجارة والصناعة لفحص عملية مراجعة المنهج. والمساعدة في خلق الشبكات العالمية الفعالة بين رجال الأعمال المحترفين وخريجى المستقبل لتبادل الخبرات المتنوعة علي المستوي الدولي والمحلي. وتطوير الشراكات مع التجارة والصناعة وذلك للمساهمة فى تصميم المقررات وتطوير المشروعات الطلابية ولتدعيم تدريب الخريجين  بالتخصصات المختلفة فى المنزل. يُضاف لذلك تقديم الجامعات فرص التنمية المهنية لأعضاء هيئة التدريس القائمين على التعليم من أجل الاستدامة (Tilbury,2004,p 105).

 

  

 الالتزام المؤسسي من خلال عمل بيان يوضح الارتباط الوثيق  لقضايا الاستدامة برسالة المؤسسة. وقيامها علي علاقاتها بالمحيط الاجتماعى الواسعة، وتشارك رؤية المستقبل. من خلال الحوار الرسمي واللارسمى بين الأفراد المشاركين في العمل التعاوني. واستخدام برامج التوجيه والمؤتمرات المترابطة والأدوات اللازمة لزيادة مشاركة المستفيدين في صياغة الرؤية وتحديد مؤشرات الاستدامة(Pittman,2004,pp299-202) .

 

كما هناك متطلب حيوى، يُعَدُّ بمثابة الروح التى تسرى في كل تلك المتطلبات. ألا وهو تشجيع وتعميق روح  الولاء والإخلاص لدى أبناء المجتمع كافة. على اختلاف أطيافهم وانتماءاتهم الأيديولوجية والفكرية مما يحثهم على الدفاع عن تراثهم وحماية البيئة المادية والاجتماعية والاقتصادية.

                                                                                (الزنفلى، 2010، ص 121) .

   

 

التعليم والتنمية المستدامة:

 

 ان التعليم يعد أحد المتطلبات الرئيسة لتحقيق التنمية المستدامة، كما أنه قاسم مشترك في تلبية جُل متطلبات التنمية المستدامة. فالتعليم، باختصار، هو الأمل والوسيلة الأكثر فعالية في المسعى الحثيث للبشرية نحو إنجاز التنمية المستدامة. إذ لتحقيق التنمية المستدامة، فإنه يتعين إجراء تغيير جوهرى في اتجاهات وسلوك البشر

في كل نشاط يقومون به سواءً على المستوى الفردي (الشخصي). أو فى مجتمعهم، أو في مكان العمل. وهذا لن يكون إلا إذا أخذ التعليم زمام المبادرة.

 

  ويقوم تقرير التعلم مدي الحياة لليونسكو عام (1972) على أربعة دعائم هى:

 

-       تعلم لتعمل: ينبغى دمج التعلم مدي الحياة في عمليات التنمية المُستدامة التي تتطلب توجهاً أكبر للبؤرة البيئية. مما يدعو إلى الاهتمام بالتنمية المهنية المستمرة للأفراد العاملين وغير العاملين وموظفي القطاعين العام والخاص والموظفين. ونواب مستشاري الجامعة ، والإداريين ، والمحاضرين ، والكادر المُساعد .

 

-       تعلم لتعرف: إن التنمية المُستدامة القائمة علي التنوع الثقافي والتنوع الاحيائى والمسئولية بين الأجيال والجنس البشري والمشاركة والديمقراطية. تعني أن التعلم لديه تأثيرات بعيدة تشمل التفكير الناقد والإبداعى وكسر الروتين الراسخ أو النماذج السلوكية الموجودة. والقدرة علي الإرتباط بمشكلات القضايا العامة مثل مشكلات الطبقة أو العِرقية أو الجيرة ، وتشجيع الأدب البيئى .

 

-       تعلم للعيش معاً باستدامة :ينبغى التركيز على التعلم القائم علي المجتمع في تجديد المنطقة والذى يركز علي المُشكلة. وما وراء الأنظمة المتنوعة ، كما أنه تعاوني ، وانتقالي وترابطي وإبداعى وخبراتي ومُستدام. كما يتضمن التعلم للتحدث إلى ومع الآخرين. ومن النماذج الضرورية لإجراء الحوارات حول التعلم مدى الحياة والتنمية المُستدامة هي الجريمة. وصراع المُجتمع ، والتغير الوراثى،  والتلوث البيئى، والتجديد الديمقراطى، والسخونة العالمية، والتحديث المدنى.

 

-       تعلم لتكون: عندما تصبح الاستدامة مبدأ مُنَظَم أو نهاية مُحددة مُسبقاً للتعليم. فإنها مُحتمل أن تُقيد الإبداع أو التفكير الناقد وبالتالي تصبح غير مربية. ولابد من إجراء عملية تطوير المنهج لأننا نتعلم من خلال ما نعمله ومن خلال البيئات (التي نعيش فيها ونشكلها) الطريقة التي نعمل بها. وينبغى أن يوفر التعلم مدى الحياة مساحة للإبداع والتقييمات والتنظيم التأملي التي تمكن من استمرارية عملية التعلم. ويتم ذلك من خلال التركيز علي التعلم المُخطط وتكامل التعلم مدي الحياة والتعليم للاستدامة في سياق الحياة اليومية.

                                                                            (Blewitt,2004,pp 24-34)

 

 

فجودة التعليم مطلوبة لتحقيق التنمية البشرية المُستدامة. وبالتالي فإن التنمية البشرية المُستدامة تكون غير تامة وغير مُستدامة في غياب جودة التعليم للجميع. وعلى المدى العلمى الواسع تتطلب الاستدامة تغيير الإتجاهات. وتركيز الإنتباه على الظروف التى تساهم في تأكيد التعليم للجميع فى سياق التنمية البشرية المُستدامة  (Cappon, 2002,p38).

 

أي أن الدور المُلقَى على عاتق التعليم ليس بالبسيط. وينبغي على المعنيين به بذل الجهد اللازم لإعطائه الدور المنوط به في خدمة التنمية المستدامة. وهذا يتطلب بدوره إعادة توجيه التعليم لكى يؤدى الدور المطلوب منه على أكمل وجه.

 

 

 معوقات  التنمية المُستدامة

تتضح معوقات تحقيق التنمية المستدامة فى الجوانب الآتية  :

-       نقص قدرة أو رغبة المؤسسات الخاصة لتطوير التخطيط الاستراتيجي طويل المدى.

-       وضع المنافع قصيرة المدى في مقدمة الأولويات والنتائج بالقطاعين العام والخاص .

-       نقص قدرات أو رغبة الهيئات الحكومية في مواجهة النتائج. وصعوبات الاستمرار على المدى الطويل للنمو الإقتصادي التقليدي. وذلك في ضوء نمو سكان العالم والإستثمار الإضافي للبيئة على المدى الواسع .

-       عدم الكفاءة ومدخل عدم التجديد في بناء البنية التحتية الفيزيقية وفي شتى المجالات. والتي تعوق تطوير تكنولوجيا مدخل الكفاءة البيئية الجديدة  والسياسات الجديدة .

-       المقاومة المتأصلة للتغير في الهيئات البيروقراطية الكبيرة بالقطاعين العام والخاص .

-       نقص قيادات التغير الكفؤ المتعلمة جيداً واللازمة للتنفيذ علي المستويات المختلفة. في المجالات المختلفة بالقطاعين العام والخاص.

                                                                              (James, 2003, p237).

 

عليه يمكن القول بأنه إذا صَلُحَ المناخ المؤسسي القابل للتغير والذي يضع النتائج طويلة المدى في مقدمة أولوياته. ووُجدت القيادة الفعالة المُدربة لقيادة ذلك التغير. وتوافرت الكوادر ذات القدرات والخبرات المطلوبة. وأدرك أفراد المؤسسة دورَهْم الحيوى كمساهِمين في كثير من القضايا التي يواجهها المُجتمع. وتواجد الدافع الفِطري لديهم  كان ذلك طريقاً يؤدي إلى حل المشكلات والإبداع في تحقيق أهداف التنمية المُستدامة .

 

 

التحديات المؤسسية للتنمية المُستدامة

    إن إحدى التحديات الرئيسة للتنمية المُستدامة اليوم هو نموذج الحياة. كالحديث المنطوي على مخاطر بيئية والقائم على الإستهلاك اللانهائي والمنتشر عالمياً. ويتفرع منه التحديات التالية:

 

يُعتبر التركيز على تحقيق النمو الاقتصادي ووضعه في الأولويات دون اعتبار مناسب لأبعاد التنمية الأخري الاجتماعية والثقافية والبيئية والسياسية والدينية. إحدى القيود التي تمنع باحثي التنمية عن اقتراح الحلول الكافية.

تواجه المؤسسات التي تُعزز التنمية المُستدامة تحدي المُهمة. في تحديد المعلومات الضرورية والمناسبة. لتحديد وتنفيذ وتقويم سياسات التنمية المُستدامة المُوجهة لتلبية احتياجات الجيل الحالي بدون المُساومة على تلبية احتياجات أجيال المستقبل. وأيضاً الفشل في توسيع المعلومات عن النظام والسلوكيات التنظيمية. ويتطلب تقليل احتمال ابتكار حلول بعيدة عن الموضوع  أن تتضامن الحكومات والمجتمعات والقطاع الخاص. على كل المستويات في تصميم وتنفيذ سياسات التنمية المُستدامة. مما يسمح لمؤسسات صناعة القرار في تكامل المعلومات الفعالة الصادقة المرتبطة بأبعاد التنمية في تحديد الأهداف وفي تصميم السياسات وتقويم مقررات العمل. وإزالة العوائق المفاهيمية من خلال التعاون بين مجالات الدراسة المختلفة ورعاية الأنظمة الفكرية.

يتفق معظم الباحثين والممارسين لإدارة التنمية على أن مشكلات تنفيذ وإدارة أنشطة التنمية المؤسساتية  تظل قائمة ومُلحة. وينبغى قلة تقيد تصنيف المعلومات المناسبة بالطرق الأمبريقية. وإهمال مداخل الإدارة التقليدية فى تنظيم العلاقات الداخلية القائمة علي الصرامة. والتي تفترض درجة عالية من المعرفة بالاحتياجات المطلوب تنفيذها. وتطبيق مدخل لا مركزية صناعة القرار القائم على المشاركة. والذي يُحسن تنفيذ استراتيجية التنمية المُستدامة ويقود إلي زيادة النمو الاقتصادي والعدل الاجتماعي. ومشاركة عالية للمستفيدين ويُعزز التفكير الإبداعي لهم وابتكار استراتيجيات إدارة التنمية. والقضاء على جذور أسباب فشل التنمية، مع بناء آليات تعكس الشفافية والمُحاسبية.

                                                           (Haque, 2006, pp6-9)

 

 يضاف إلى ذلك تلك التحديات التي تواجه الوطن العربي والمتمثلة في:

 

 الفقر الذي يتطلب الاستغلال الرشيد للثروات المتاحة. والزيادة المُطردة في عدد السكان مقارنةً بالموارد الطبيعية المتاحة. وغياب التخطيط السليم للموارد البشرية. والهجرة المتزايدة من الريف إلى الحضر.  والاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية خاصةً المائية والأرضية والطاقة. والعولمة وآثارها التي قد تُحد من إمكانية تحقيق التنمية المُستدامة في المنطقة العربية. ووجود بعض الفرص التي يمكن استغلالها لتحقيق أهداف التنمية المُستدامة مثل : قيام كِيان اقتصادي عربي قوي. والذي يتطلب تعزيز مقومات السوق العربية المشتركة والسعي نحو تكاملها. لتوفير سوقاً كبيرة للمنتجات العربية ودعم الموقف التفاوضي للدول العربية مع التجمعات الإقليمية والتكتلات الاقتصادية الأخرى. ونقل وتوطين وامتلاك التِقْنِيَات الحديثة. بما يتناسب وظروف الدول العربية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وصيانة الإرث الحضاري والديني واستثماره لتحقيق التنمية المُستدامة.

                                                                                (محمد، 2007، ص 19).     

وأن نجاح التغير الثقافي عبر الجامعة وتطور الاتجاهات والمهارات المناسبة بين الطلاب والكادر الأكاديمي والإداري. من خلال التدريب يقود إلي مخرجات حقيقية. كما أن الجامعة المُستدامة هي التي لا تركز فقط على تحديث المنهج وتحديث ممارساتها الإدارية. ولكن تهتم بالقياسات لتشجيع الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية. كما تهتم بالمراقبة المنتظمة والتقويم والتقارير للتأكد من التنفيذ المستمر الفعال. وتأتي هنا أهمية تقييم الاستدامة عبر الجامعات. لأن  التقويم الداخلي للانجازات حتى اليوم له  دور في تطوير الجهود. وتمثل نقطة الانطلاق للالتزام بالاستدامة من خلال التحديد النظامي للمنافع الممكنة والتكاليف بالإضافة إلى الاستراتيجيات اللازمة للنجاح.

  فالجامعات تتطلب طرقاً لإجراء المقارنات بينها. وكذلك المقارنة بالكلية أو الجامعة المُستدامة. للتأكد من أنها تسير فى الاتجاه الصحيح. و تحدد أدوات التقييم عبر المؤسسة مصادر التدعيم والمقاومة لمبادرات الاستدامة مما يساعد في قيادة سياسات وأهداف وبرامج الاستدامة. وتتركز مهمة المستخدم لأدوات التقييم في تحديد القضايا وتأثيراتها الواسعة لتيسير إمكانية قياسها بدقة. وينبغى أن تقدم أدوات التقييم الآليات التي تُصَنِف القضايا المرتبطة بالاستدامة حسب أولوياتها. ووضع طرق قياس مرنة بدرجة كافية للسيطرة علي التعقيدات والاختلافات التنظيمية حتى يمكن المقارنة وإحصاؤها. وأن تكون شاملة لتوسيع نطاق المستفيدين (Shriberg,2004,p 74) .

 

ويتحدد دور تقييمات الاستدامة عبر المؤسسة المثالية فيما يلي:

أن تحدد أدوات تقييم الاستدامة القضايا المناسبة بيئياً وتأثيراتها وإمكانات قياسها بدقة.

من الممكن إحصاؤها ومقارنتها. والقدرة علي حساب الوضع الحالي وحساب التقدم والأولويات والإتجاهات. ومدى التقدم نحو الاستدامة في كل مجالات الكلية أو الجامعة. ومرونتها بدرجة كافية للسيطرة علي التعقيدات التنظيمية والإختلافات.

 

قياس العمليات والدوافع : وحيث إن الاستدامة أصبحت عملية وليست غاية. لذا ينبغى أن تقوم أدوات قياس الاستدامة بدراسة صناعة القرار فى ضوء فهم أبعاد الرسالة والمكافآت والدوافع والمخرجات الموجهة بالعمليات الأخرى.

تأكيد فَهم المستفيدين لأدوات تقييم الاستدامة والاهتمام بها كأدوات للاتصال والتواصل في عمليات ومخرجات الجامعة وذلك لتحقيق الدقة.

إن عملية الانتقال إلى طرق أكثر استدامة للحياة سوف تُحسم فقط عندما يفهمها الناس في كل الثقافات والمجتمعات. ويؤكدون حاجتهم لهذا التغير، ويحدث التطور عندما يبدأ الناس في تأمل المباديء التي تشجع الطرق الأكثر استدامة للحياة. ويصبح التعليم التحويلي  هو الأداة الرئيسية لمساعدة الناس في إعادة فحص نظامهم القيمى. وتشجيعهم لتكييف سلوكياتهم الأخلاقية من خلال الأفراد والمنظمات والحكومات لتسهيل حدوث التغيرات الأساسية التي تتطلبها تحديات الاستدامة (O'sullivan,2004,p 170) .

 

أن العديد من الدول سارعت إلى انتهاج منهج الاستدامة فى منظماتها خاصةً فى مؤسسات التعليم العالى والجامعى وهو ما يتم عرضه في الجزء التالي لدولتي ماليزيا والفلبين.

 

وسوف يتم عرض تجربتى ماليزيا والفلبين فى ضوء أربعة محاور تمثل متطلبات رئيسية لتحقيق التنمية المستدامة فى التعليم الجامعى. هى:

 

 توافر الرؤية العلمية المتكاملة الخاصة بالتنمية المستدامة، تفعيل شراكات الجامعة مع القطاعات المجتمعية المختلفة. التوجيه التربوى للنظام التعليمى القائم على الإبداع. مراجعة البرامج الجامعية فى ضوء المهارات المطلوبة للتعليم من أجل التنمية المستدامة.

 

 التنمية المستدامة على المستوى الدولي والعالمي:

قُدمت فكرة الاستدامة في التعليم العالى لأول مرة على المستوى الدولي بواسطة الأمم المُتحدة (برنامج التربية البيئية الدولي – في عام 1978).

ومنذ ذلك الحين توالى عقد العديد من المؤتمرات القومية والدولية المرتبطة مباشرةً بالاستدامة البيئية في التعليم العالي. وقد لقيت المؤتمرات قُبولاً واسعاً فى مجتمع التعليم العالي والمُصادقة عليها. كما يلى:

 

إعلان إستوكهلم Stockholm: لعام (1972) وهو أول إعلان أشار إلى الاستدامة بالتعليم بأسلوب غير مباشر. وإحدى أول الوثائق التى ناقشت قضية المساواة بين الأجيال. ودور الأمم  في تحسين بيئة الإنسان باعتباره غاية الكون لأجيال الحاضر والمستقبل. كهدف حيوى ينبغى متابعة تحقيقه متناغماً مع الغايات الرئيسية للسلام والتطور الاقتصادى والاجتماعى على المستوى العالمي. ويشمل التصريح 24 مبدأ لتحقيق الاستدامة البيئية.

 

إعلان تبلسى  Tbilisi: وتتعهده منظمة اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. وقرر تقديم التعليم البيئي للناس لكل الأعمار والمستويات في الأوساط الرسمية واللارسمية. وقدم خطوط إرشادية لاستراتيجيات العمل الدولية شاملةً توصيات خاصة بالتعليم الجامعي. والتدريب التخصصى، والتعاون الدولي والإقليمي، والبحث العلمي والتجريب. وكان هذا بمثابة الإعلان الأول لإقرار المدخل البيئي الدولى والكلى بداخل محيط التعليم العالي.

 

إعلان تالوار Talloire  : والذي عُقد بالمركز الأوربي بجامعة توفتز Tufts  بفرنسا عام (1990). وفيه تقرر أن رؤساء الجامعات ينبغى تنمية قدراتهم القيادية حتى يتمكنوا من حشد الموارد الداخلية والخارجية. لتمكين مؤسساتهم من الاستجابة لهذا التحدي الملِح (Wright,2002,p220) . وناقشوا دور التعليم العالي والجامعات وإنجازاتها في العمل نحو المستقبل المُستدام بيئياً. وإشراك طلابها في فهم العمليات المؤسسية والأدوات والأنشطة وتقليل التلوث والنفايات. وهذا التصريح هو أول وثيقة دولية تركز على الاستدامة في التعليم العالي. وأول حالة يلتزم فيها الإداريون بالجامعة بالاستدامة البيئية داخل الأكاديمية.

 

إعلان هاليفكسHalifax  فى ديسمبر (1991) بكندا: الذي نتج عن انعقاد المؤتمر الجامعي لتحقيق  التنمية المُستدامة. بهدف دراسة دور الجامعات في تحسين قدرة الدول في تحديد قضايا البيئة وتطويرها. ومناقشة أثر إعلان تالوار على الجامعات الكندية، وقدم الإعلان الخطة التنفيذية للجامعات المُوَقِعة  على الاعلان. التي تضمنت هياكل العمل اللازمة لتحقيق أهداف الاستدامة علي المدي القصير والطويل. من خلال عمليات التعليم والتدريب والبحث العلمي والسياسة المؤسسية (Wright,2004,pp9-12).

 

    وأوضح أن التحديات وعوائق التنفيذ الرئيسية في التنفيذ تكمن في افتقاد القيادة وقصور آليات المحاسبية. بالإضافة إلى العوائق المالية (Wright, 2002,p205)  .

  

وتم اتخاذ الخطوات الحاسمة عام ( 1998) عندما نظمت اليونسكو المؤتمر العالمي للتعليم العالي التعليم العالي والتنمية البشرية المُستدامة. بواسطة جامعة الأمم المتحدة ومجموعة المنظمات غير الحكومية. وتنظيم الأنشطة المختلفة وإعداد قاعدة بيانات للجامعات تتعاون للعمل في هذه القضية.

وقد أسست كل من مجموعة أمريكا الشمالية والمجموعة الأوربية والرابطة العالمية للجامعات. ومنظمة اليونسكو التعليم العالى العالمى لشراكة الاستدامة. وذلك لتهيئة المناخ العام اللازم لتطوير التعليم من أجل التنمية المُستدامة فى التعليم العالي (Ginkel,2002,p196).

 

أن تلك التصريحات والمؤتمرات تركز على قضايا البيئة وإحداث التطوير من خلال العمليات التعليمية والتدريبات والبحث العلمي المُستدام. والتأكيد على أهمية دور الجامعات في تحقيق الإجماع الدولى. والإحساس العالمى بالمسئولية والتضامن من أجل إيجاد مجتمعات مُستدامة. كما أكدت على تحقيق المساواة بين البلاد باعتبارها عامل مهم في تحقيق الاستدامة على المستوى العالمي. وضرورة ارتباط الاستدامة البيئية بالسكان والفقر والأمن الغذائي والديمقراطية. وحقوق الإنسان والسلام والصحة والمعرفة البيئية.

 

================== ------- -----

***********************


***********************

هل اعجبك الموضوع :
author-img
استاذ جامعي وباحث اكاديمي ومدون

تعليقات