------ ----- --------- نظام المحاسبة الإدارية نظام المحاسبة الإدارية -------

القائمة الرئيسية

الصفحات

=================

 

نظام المحاسبة الإدارية


نظام المحاسبة الإدارية


  يقدم هذا الموضوع مدخلاً لموضوع يرتبط بعملية تطوير نظام المعلومات المحاسبية. أي نظام المحاسبة الإدارية الخاص بالاستخدامات الإدارية للمعلومات المحاسبية، والتي تتركز وبشكل أساسي على عملية دعم قرارات إدارة العمليات بمعلومات محاسبية استباقية منتجة من نظم معلومات رسمية وقابلة للاسترجاع في لحظة صنع القرار. وان صفة السبق المذكورة والملازمة للمعلومة المحاسبية هنا تشير إلى مقدرة نظام المعلومات على إمكانية حفظ واسترجاع وتشغيل معلومات محاسبية ملائمة وذات صفة شمولية (مالية وغير مالية سابقة للحدث) وفقاً لأبعاد زمنية ووظيفية. وانها عامة لتشمل جميع التطبيقات المحاسبية من دون أي استثناء ممكن لأحدها ولجميع بدائل القرار الممكنة.



وهنا يتم التركيز على دراسة وتحليل ثلاث مجالات معرفية هي إدارة العمليات ممثلة بالقرارات المتخذة على مستوى تلك الإدارة وفقاً للعلاقة التي تربطها بمخرجات المحاسبة الإدارية، ونظم المعلومات المحاسبية ممثلة بآلية دعم الإدارة المذكورة بمعلومات محاسبية ملائمة لقراراتها، وتقنيات المعلومات التي تقدم الدعم في مجالات التصميم والتنفيذ لنظم المعلومات.

  



  إن االحصول على المعرفة المرتبطة بكيفية إدماج المعلومات المحاسبية الإستباقة لدعم قرارات إدارة العمليات بإطار تصميم وتشغيل نظم المعلومات. فالمحاسبة وكما هو معروف عادة ما تقسم إلى فرعين رئيسيين هما المحاسبة المالية (التي تختص بعملية الإبلاغ الخارجي)، والمحاسبة الإدارية (التي تختص بالإبلاغ الداخلي). إن هذا الموضوع يركز على النوع الثاني منها والمرتبط بنظام المحاسبة الإدارية.


 لقد حدد (Zimmerman, 1997:14 ) غرضين أو هدفين أساسيين لنظام المحاسبة الإدارية : أولهما تقديم المعلومات الضرورية لوظيفتي التخطيط وصناعة القرارات وثانيهما المساعدة في تحفيز ورقابة عمل الأفراد في الوحدة الاقتصادية لتحقيق الأهداف التي ترغب إدارة تلك الوحدة تحقيقها. إن هذا البحث يركز على الغرض الأول أعلاه: البند الخاص بالتخطيط وصناعة القرارات.

       

       إن مخرجات نظام المحاسبة الإدارية وكما هو معروف موجهة إلى الإدارات (بشكل خاص المدراء، من هم بمستوى صناعة القرارات) داخل حدود الوحدة الاقتصادية، لأجل دعم تلك الإدارات بمعلومات محاسبية ملائمة تساعدها في تأدية وظائفها بشكل كفؤ وفعال.

 و قد تم اختيار إدارة العمليات في هذا البحث " تلك الإدارة التي تختص بتصميم، تشغيل، تطوير وتحسين النظم الإنتاجية التي تخلق السلع والخدمات الأساسية للوحدة الاقتصادية"(Chase and Aquilano, 1995: 55)، كمستخدم لمعلومات المحاسبة الإدارية. فالقرارات المتخذة على مستوى إدارة العمليات تتصف بكونها تتخذ وفق مديات زمنية  مختلفة، فهي تتراوح ما بين القرارات اليومية المتعلقة بجدولة ساعات العمل لأمر إنتاجي ما على مستوى مركز إنتاجي محدد، إلى القرارات الشهرية المرتبطة بخطط الإنتاج والمبيعات المجمعة، إلى القرارات الإستراتيجية المتعلقة بهندسة مصنع جديد. ووفق هذا التوضيح فقد تم تحديد القرارات التي سيتم دراستها في هذا البحث، فقط تلك القرارات المرتبطة بالتخطيط والرقابة الإنتاجية في الوحدات الاقتصادية الصناعية. علاوة على ذلك فقد حددنا المدى القصير والمتوسط لتلك القرارات وفق بعد زمني لا يتجاوز السنة الواحدة.

إن تلك الأنواع من القرارات تتصف بكونها تتخذ بشكل متكرر، ومعظم تلك القرارات يكون في الغالب معيارياً. وتلك السمة المعيارية تشير إلى أن بدائل تلك القرارات تكون معروفة ومشخصة من قبل صناع القرار، لكن هناك عدم تأكد مرتبط بمدى مساهمة كل بديل من بدائل القرار لأهداف محددة تكون الوحدة الاقتصادية في لحظة معينة ووفق موقف محدد بصدد تحقيقها، ومن الأمثلة على تلك الأهداف هي تحديد مستويات جودة المنتج، تحديد مستويات الخدمة أو الربحية للمنتجات.. وغيرها.

إضافة إلى ذلك نلاحظ أن تكرار مثل تلك القرارات يعمل على تعظيم استخدام نظم المعلومات بهدف حساب المساهمات المختلفة والمرتبطة بكل هدف ولكل بديل من بدائل القرار. إن القرارات طويلة الأجل وبشكل اعتيادي لا تمتثل مع الظروف المرتبطة بالتكرار والمعيارية المشار إليها في أعلاه. ولهذه الأسباب، فإن معظم أنظمة معلومات إدارة العمليات الحالية تهدف إلى تغطية عملية صناعة القرارات القصيرة ومتوسطة المدى.

  

  إن التوجه الحالي في تصميم وتشغيل نظام معلومات إدارة العمليات يدعى بنظام تخطيط موارد الشركة ERP)). وقد عرف هذا النظام في قاموس APICS, 9th edition على أنه " نظام معلومات ذات توجه محاسبي معني بتشخيص وتخطيط موارد الشركة المطلوبة عن استلام مدخلات عوامل الإنتاج، عمليات التصنيع، تجهيز السلع والخدمات والمحاسبة عن طلبات الزبائن " فهو بهذا الوصف يشير إلى أنه نظام معلومات معياري متكامل أي أنه محدد لتحقيق هدف معين ويعمل بقاعدة بيانات مركزية تتيح لجميع الوحدات الفرعية في الوحدة الاقتصادية من استخدام نفس المعلومات وبوقت واحد. وهو بذات الوقت يهدف إلى تخطيط ورقابة العمليات الإنتاجية للوحدة الاقتصادية. 

 


    فمن وجهة نظر المحاسبة الإدارية نلاحظ أن عملية عرض الأثر المالي لبدائل القرارات الإدارية، وبهدف إجراء عملية تقويم لتلك البدائل المتاحة تعتمد على نوعين من التكاليف هما التكاليف التراكمية والتكاليف الفرصية. فالتكاليف التراكمية تعرف على أنها " تلك العناصر من التكاليف التي تكون متباينة بين بدائل القرار". أما التكاليف الفرصية فتعرف على أنها  " المنافع المفقودة نتيجة اختيار بديل معين بدلا" من بدائل أخرى للقرار". إن واحدة من المشاكل الأساسية التي اعتمدت في هذا البحث ترتبط بعملية استرجاع البيانات المحاسبية الملائمة للقرار. فمن المعروف أن عملية الحصول على التكاليف التراكمية والتكاليف الفرصية في بيئة العمل الحالي يتم من خلال الحكم الشخصي لصانع القرار المبني على أساس المقارنة والتمييز لجميع أنواع التكاليف ولموقف محدد مرتبط ببديل ذلك القرار.


وبناء على ذلك نلاحظ أن عملية التقويم التي أشرنا إليها تؤدى من قبل الأفراد (المدراء) ولوجود اختلاف في دوال الاستخدام وأنماط صناعة القرارات المتعلقة بهم، فإن هناك تباين واضح في تشخيص تلك الأنواع من عناصر التكاليف مما يؤدي إلى عدم أتساق في صياغة مدخلات القرارات وهذا يؤدي بدوره إلى تباين نتائج التقويم للبدائل المعروضة. علاوة على ذلك فإن الإجراءات الموحدة لاسترجاع التكاليف الملائمة بناء على معلمات موضوعية للقرار هي بالحقيقة غير متاحة من خلال نظم المعلومات الحالية.

 

      من ذلك التفسير يتبين لنا أن أنظمة المعلومات الحالية غير قادرة على إجراء التطبيق العام لتقنية الكلفة الملائمة. فالتطبيق العام يتطلب إجراءات موحدة يتم من خلالها استرجاع التكاليف الملائمة لكل بديل من بدائل القرار الواحد مضافا" لها إجراءات موحدة لخزن البيانات المحاسبية التي تخدم بذات الوقت أغراض متعددة أخرى. وإن تعدد الأغراض هنا يشير إلى الاستخدامات المتعددة لإدارة العمليات مضافا له أغراض أخرى تتعلق بالإبلاغ الخارجي (المالي) والداخلي.

 


متطلبات إدارة العمليات من المعلومات المحاسبية وتحليلها:

   من المعروف إن طبيعة عمل المدراء في الوحدات الاقتصادية يتطلب المزج بين الكفاءة الإدارية ومزيج من المعلومات المتوفرة لديهم بشكل رسمي ضمن إطار التنظيم لأجل القيام بمهامهم بشكل كفوء وفعال. حيث بينت عدة اتجاهات بحثية محاسبية سعة وتشعب حاجات المدراء من المعلومات المتنوعة التي تستخدم في مراحل صناعة القرارات، وقد خلصت تلك الدراسات إلى وجود فجوة معلوماتية في مناطق صنع القرار في الوحدة ( الفراغ الموجود  بين حجم ونوع المعلومات المطلوبة وفق أبعاد تاريخية ووظيفية ومعرفية وبين ما هو مجهز منها من نظم معلومات رسمية داخل الوحدة الاقتصادية). وقد فسرت تلك الفجوة المعلوماتية في بعض من أوجهها قصور نظم المعلومات الإدارية العاملة ضمن أطار الوحدة الاقتصادية ( نظام المعلومات المحاسبية أحد عناصر تلك المنظومة) في مقابلة حاجات المدراء من المعلومات المطلوبة في مراحل صناعة القرارات، وفي ظل طبيعة البيئة التي تعمل بها الوحدات الاقتصادية في الوقت الحالي التي تتصف بالحركية والمعتمدة بشكل رئيسي على تقنيات المعلومات والتي بدورها تعتمد على أربعة مرتكزات تطورية تتصف بدرجة عالية من المرونة استجابة للتغييرات وهي ممثلة بوسائل نقل المعلومات، أجهزة المعالجة، برمجيات التشغيل، ووسائل خزن البيانات. 

 

       لقد اعتبرت المعلومات القوة الدافعة لصنع القرارات في أي منظومة إدارية، ولها نصيب كبير في تحقيق نتائج تلك القرارات حيث يتم تقويمها وفقا للتغير في سلوكية صناع القرارات باتجاه تحسين النتائج وتحقيق ما هو أفضل من الغايات والأهداف. ومن المعروف لدينا أن تعامل صناع القرارات في الوحدات الاقتصادية بالمعلومات يتم من خلال نوعين منها. النوع الأول هو المعلومات الفعلية التي تمثل توصيفا لاحقا للأحداث والتي تدعى بالمعلومات التاريخية، والنوع الثاني المستخدم منها هو المعلومات المستقبلية (المخططة المبنية على أساليب تنبؤية) والتي تمثل توصيفا سابقا للأحداث المستقبلية. حيث نلاحظ أن طبيعة العمل الإداري يتطلب في بعض أوجه استخداماته إلى إجراء مزج بين النوعين من المعلومات وحسب متطلبات الحالة. ولكي تلبي المعلومات الهدف أعلاه يجب أن تتصف بعدة صفات لعل إحدى أهم تلك الصفات أن تكون المعلومة ملائمة، وهذه الصفة تشير إلى التطابق والتوافق بين موضوعية المعلومة وبين طبيعة القرار المطلوب اتخاذه في لحظة زمنية معينة. وهنا لابد من بيان وتفسير الكيفية التي يتم إنتاج المعلومة بها وكذلك وصف طبيعة المعلومات المنتجة من نظم للمعلومات والتي سنعرضها في الفقرة التالية.

 


المعلومات ونظم المعلومات الرسمية:

      يشير مصطلح المعلومات وفقا لنظرية المعلومات إلى قيمة المفاجأة الحاصلة لمستلم الرسالة عن حدث معين. وبناء على ذلك التعريف فإن استخدام هذا المفهوم يقتصر على بعد واحد يمثل نتيجة استخدام محتوى الرسالة ولا يحتوي على أبعاد أخرى مثل صيغة المحتوى وشكل العرض، درجة الإتمام، التوقيت المناسب، الزمن المستغرق لدورة نقل الرسالة، موقع الوحدة الاقتصادية للمستخدم، والملائمة (Godfrey et.al, 1971: 88) . حيث تعد تلك التوصيفات متممة لذلك المفهوم بإطار عمل أنظمة المعلومات.

إن عملية إنتاج المعلومات وفقا لما تقدم تتم بشكل منظم ومنطقي، محدد بأنشطة عمل الوحدات الاقتصادية وبحدود رسمية تشكل الأساس لفرض الرقابة وتقويم  الأداء من قبل الإدارة على تلك العملية بشكلها المتكامل، أن المنظر الوجودي لأنظمة المعلومات في الوحدات الاقتصادية يمكن ترجمته ببعدين، أولهما البعد المادي لنظام المعلومات المتضمن للأفراد، أجهزة الحاسوب، البرمجيات، وأدوات التوثيق والنقل. وثانيهما البعد التشغيلي المنظم الذي يركز على آليات العمل لوظائف تجميع البيانات، عمليات المعالجة، والتوصيل وحفظ المعلومات. إن الشكل الرسمي لنظام المعلومات يعد إطارا آخر لتوصيف نظام المعلومات.

 حيث جاءت مجموعة من الدراسات الأكاديمية المتخصصة بهذا المجال لتصف نظم المعلومات المتطورة، على سبيل المثال نرد منها دراسة (Lucy et al, 1969: 22-25) حيث قدمت تلك الدراسة توصيفا للشكل الرسمي لنظام المعلومات الذي يمثل شبكة معلومات محوسبة تحتوي على واحد أو أكثر من النظم التشغيلية وتقدم معلومات ملائمة لصناع القرارات أو مجاميع صنع القرارات واحتوائها بذات الوقت على آلية مناسبة لمقابلة تلك الاحتياجات من المعلومات بصيغ متنوعة من التغيرات في المعلمات والمتغيرات لنماذج القرارات المبرمجة. حيث يمكننا ومن خلال الوصف المقدم للشكل الرسمي لنظام المعلومات التعرف على ثلاثة عناصر رئيسية من مكوناته وهي:

1- تمثل شبكة معلومات محوسبة. وهذا يعني امتلاكها لمقدرة متكاملة في استيعاب المدخلات وحفظها، وإجراء عمليات المعالجة (التشغيل) وحفظ النتائج، وإعداد المخرجات، والتي تكون مؤطرة بحدود عمل النظام داخل الوحدة الاقتصادية.

2- احتواؤها على واحد أو أكثر من النظم التشغيلية التي تساعد في توسيع المقدرة التكاملية الموصوفة أعلاه في عمليات المعالجة. وبشكل محدد تحتوي النظم التشغيلية على قواعد قرار مبرمج تساعد في تشغيل كم كبير من العمليات وبشكل مستمر.

3-   احتواؤها على آلية معالجة مناسبة لمقابلة احتياجات صناع القرارات من المعلومات الملائمة.

 

      كما يمكن لنا من تقديم مظهر أو شكل آخر لنظام المعلومات المحاسبي وفق بعد تطوري حديث يعرض ذلك النظام على أنه، قاعدة بيانات منظمة تمتاز بكونها ذات إمكانية دعم أنواع مختلفة من الاستعلامات أو طلب للبيانات من قبل شرائح مختلفة من المستخدمين، وهذا العرض يظهر السمة العمومية لنظام المعلومات المحاسبي ببعديها الفني (التصميمي) والتشغيلي. ومن الملاحظ أن الاتجاه التقليدي الحالي المستخدم في تصميم نظام المعلومات المحاسبية قد تضمن في آلية معالجاته بعدا واحدا من أبعاد الحدث الاقتصادي ألا هو البعد المالي، أي أن تجميع بيانات الأحداث الاقتصادية التي تعبر عن حقيقة واقع التبادلات التي تحدث بين أطراف داخل الوحدة الاقتصادية وجهات خارجية هو محدد بالقيمة النقدية لتلك التبادلات فقط، ومعالجة تلك القيم النقدية من خلال خطوات متسلسلة وعكس أثرها على كل من المركز المالي ونتيجة الأعمال، وهو بالحقيقة واحد من أوجه القصور للنموذج المحاسبي والتي بحثت من قبل أفراد ومنظمات محاسبية مهنية في هذا المجال في ظل متطلبات العصر الحالي الذي تعمل في ظله الوحدات الاقتصادية.

 

       وبناء على ما تقدم فقد جرت عدة محاولات لتطوير نظم المعلومات المحاسبية بعدة اتجاهات، كمحاولة منها في تجاوز بعض من أوجه القصور التي رافقت التوجه التقليدي في تصميم نظم المعلومات. من تلك المحاولات اتجاه لتوسعة البيانات المحاسبية وتضمينها لبيانات غير مالية إضافة إلى البيانات المالية. واتجاه آخر ممثل بإجراء تغيير في هيكل البيانات المحاسبية ليكون متوافقا" مع طبيعة الحاجات المتنوعة من المعلومات المالية وغير المالية، ومن تلك الدراسات دراسة Lawrence Revsine, 1970: 704-706) ) التي جاءت تحت عنوان " توسعة البيانات والهيكل ألمفاهيمي". التي قدمت توجها حديثا لتصميم نموذج محاسبي يكون مبني وفق تطور دوال استخدام المعلومات المحاسبية لشرائح المستخدمين المختلفين. ودراسة (Haseman and Whinston, 1976: 65-66 ) التي جاءت تحت عنوان " تصميم نظام محاسبي متعدد الأبعاد"مركزة على إضافة أبعاد غير مالية للحدث الاقتصادي تعد مفيدة لصناع القرارات.  وأخيرا سلسلة من الدراسات التي أعدها W.E. McCarthy, 1979: 677; 1982: 576, 1996: 3)) والتي جاءت تحت عناوين مختلفة تشترك بتقديم نماذج محاسبية بديلة للنموذج المحاسبي التقليدي الحالي.

 

وظيفة المعلومات:

     تمثل المعلومات الأداة الموجهة لتخفيض حالة عدم التأكد المحيطة بعملية صنع القرارات الإدارية. ومن المعلوم أن مراحل صناعة القرارات ( تحديد أبعاد المشكلة، تشخيص بدائل الحل الممكنة، اختيار البديل الأمثل، اختبار وتنفيذ البديل الأمثل، تقويم النتائج المتحققة، والتغذية الراجعة) تتم بمحيط يسوده عدم تأكد يمكن تفسيره بصيغة عدم الاتفاق حول كلا من الأهداف والنتائج المتوقعة لأي تصرف أو فعل إداري (  1980: 223(Hopwood, . ففي حال كون الغايات المقصودة من تصرف إداري ما واضحة ومحددة المعالم وبالوقت بنفسه غير قابلة للنقاش ونتائجها معروفة ومحددة، فان صناعة القرارات وفق هذا الموقف تأخذ منحا حسابيا. أي أن كل ما يتعلق بمراحل صنع القرار هنا يتركز في حساب التكاليف والإيرادات لكل بديل من البدائل التي تساهم في تحقيق تلك الأهداف. بينما نلاحظ في موقف آخر عندما تكون نتائج الفعل الإداري غير مؤكدة نسبيا فان إمكانية إجراء الاحتساب للتكاليف والإيرادات تكون ضعيفة أو غير ذات معنى موضوعي، فالقرار هنا يتخذ وفقا لهذا الموقف بناء على الأحكام الشخصية لصناع القرارات (مع الأخذ بنظر الاعتبار التقويم الموضوعي لاهتمامات أصحاب المصلحة وترتيب أولويات النتائج الممكنة في ضوء الأهداف المتفق عليها). أما في حال كون نتائج التصرفات المفترضة مسبقا واضحة ومعلومة، فان عدم التأكد المرتبط بالأهداف قد يكون ناتجا عن (أساليب سياسية) متبعة من قبل صناع القرارات بدلا من كونها نتائج عملية حسابية، وهذا الموقف يمكن أن يوصف بالمساومة أو التسوية. إضافة إلى ذلك وعندما تكون النتائج موضع نقاش فان مراحل صنع القرار تكون أكثر تعقيدا وتوصف على أنها إلهام أو إيحاء ناشئ من بيئة العمل. (Hopwood, 1980:  221-240).

 

     إن أنواع القرارات المتخذة بحدود عمل إدارة العمليات والتي سيتم مناقشتها في هذا البحث تتعلق بجدولة الإنتاج الرئيسي، التعديلات التي تتم على الطاقة الإنتاجية، الدعم الخارجي، العمل الإضافي، عدد وجبات العمل ليوم العمل، حجم دفعة الإنتاج، تحديد مستويات المخزون، ومستويات الانتفاع المثلى من الطاقة الإنتاجية المتاحة. والتي تعتبر من القرارات ذات الأهداف والنتائج الواضحة والتي تظهر ضمن المجال ألاحتسابي (حسب الإطار التحليلي الذي قدمه Hopwood أعلاه).

 

        ففي الوقت الحالي يلاحظ أن معظم الوحدات الاقتصادية الصناعية تواجه عملية تكرار وتعقيد متزايد في قرارات إدارة العمليات مما يبرر وجود واستخدام نظم معلومات متقدمة تكون قادرة على تقديم الملائم من المعلومات وفقا للتوصيف المقدم أعلاه من أنواع القرارات. عليه فقد بين Hopwood أيضا في هذا المجال أن واقع حال نظم المعلومات المحاسبية الحالي يقع ضمن المجال ألاحتسابي وهو مشابه بطريقة عمله التقليدية لعمل جهاز الرد الآلي الذي يقوم بتقديم الإجابة المثلى المرتبطة بالتساؤل المحدد والمبنية وفقا لرغبة وحاجة المصمم ( المحاسب). وبناء على ما تقدم لابد لنا من إجراء توصيف دقيق لطبيعة قرارات إدارة العمليات لنتمكن من خلال ذلك التوصيف من بيان الحاجات من المعلومات المحاسبية وآلية معالجة المدخلات والكيفية التي تقدم بها. حيث تبين لنا ومن خلال مراجعة الأدبيات المتخصصة بهذا المجال أن تلك القرارات التي تتصف بكونها تغطي مديات زمنية مختلفة تتراوح ما بين القرارات التشغيلية اليومية المتعلقة بجدولة ساعات العمل لأمر إنتاجي معين في مركز عمليات ما، والقرارات الشهرية المتعلقة بتحديد إجمالي المبيعات وإعداد تقديرات خطط الإنتاج المرتبطة بها، إلى القرارات الإستراتيجية المتعلقة بتحديد الطاقات الإنتاجية أو تلك القرارات الفنية المرتبطة بهندسة مصنع إنتاجي جديد. حيث يشير هذا التوصيف إلى أن القرارات القصيرة والمتوسطة المدى أعلاه (استثناء القرارات الإستراتيجية) تتخذ بشكل متكرر، لكونها ترتبط بشكل مباشر بالعمليات التشغيلية خلال السنة، وان معظمها يكون معياريا، وعلى الرغم من تلك الطبيعة المعيارية المرافقة لتلك القرارات، فان هناك حالة من عدم التأكد تحيط بها ترتبط بحدود التصرفات أو الأفعال البشرية التي ستسهم في تحقيق تلك الأهداف المخطط تنفيذها في ظرف معين تمر به الوحدة الاقتصادية وفي لحظة صنع القرار، مثال ذلك قرارات جودة المنتج، مستويات الخدمة المقدمة للزبائن، مستويات الربحية لمنتج ما أو مجموعة منتجات. تلك القرارات تتأثر إلى حد كبير بسلوك الأفراد الذين يقومون بالتنفيذ والذي يصعب التنبؤ به. وعلى أية حال يستنتج من ذلك أن صفة التكرار لتلك القرارات والمشار إليها أعلاه من شأنها أن تزيد من استخدام نظم المعلومات وتعظيم الرجوع  لها لاختيار البديل الأنسب من خلال حساب المساهمة المختلفة لكل بديل من بدائل القرارات تحقيقا للهدف أو الأهداف المطلوبة والوصول إلى قناعة موضوعية مبررة توجب اختيار واحد من تلك البدائل.

      و لتعدد الأهداف وتنوعها، فإن المحاسبة الإدارية كنظام للمعلومات لا يفترض بها أن تكتفي بحساب الأمثلية المالية، فحسب، بل يجب أن تأخذ دورا جديدا يتمثل بتقديمها معلومات عن الأثر المالي لمجموعة القرارات التشغيلية من دون إهمال التداخل والترابط بين مجموعة القرارات والتفاعلات البينية بينها (Chapman, 1997: 195 ).

 ويجدر بنا النقاش هنا إلى بيان الحاجات الإدارية من مخرجات نظام معلومات المحاسبة الإدارية وهو ما سنبحثه في الفقرة التالية.

  

  توصيف الحاجات الإدارية من مخرجات نظام المحاسبة الإدارية:  

 إن المنافع المتولدة من استخدام معلومات المحاسبة الإدارية في بيئة صناعة القرارات الإدارية قد شكل محورا هاما من قبل العديد من الباحثين ليبحث في تأسيس اتجاها تطوريا للمحاسبة الإدارية يقوم على تجاوز الإطار التقليدي المعتمد لها والخروج منه باتجاه التركيز على توجيه اهتمامات مصممي نظم المعلومات المحاسبية إلى حاجات المدراء من المعلومات المحاسبية لحل المشاكل المتوقعة مستقبلا. حيث جاءت مساهمة كل من (Mia and Chenhall, 1994: 3-9) في تأسيس اتجاه تطوري للمحاسبة الإدارية مبني على عرض الواجهة التقليدية المعتمدة على البيانات المالية فقط ذات الهدف الداخلي، والوصول إلى توجه مستقبلي جديد يركز على توجيه اهتمامات مصممي النظام إلى حاجات المدراء من المعلومات المحاسبية الملائمة والمتوافقة (شكلا ومضمونا وتوقيتا) مع وظائف حل المشاكل المتوقعة مستقبلا. وجوهر هذا التوجه هو الديناميكية والشمول والبعد المستقبلي في توليد المعلومات وفقا لطبيعة الظروف المحيطة بصنع القرار، والتي تتطلب مزج البيانات غير المالية الداخلية والخارجية وتوحيدها والتي تتمحور حول متغيرات السوق، طبيعة الابتكارات الحاصلة على المنتجات، ومعلومات تنبؤية ترتبط بمحاور القرار التشغيلي بهدف احتواء حالة عدم التأكد بشكل موضوعي بإطار عملية صنع القرارات الإدارية.

 

 ووفقا" لنتائج دراسة (( Chenhall and Morris, 1986: 30 يتضح لنا أن معلومات المحاسبة الإدارية قد تم توصيفها من خلال أربعة مرتكزات لأجل أن تكون ممثلة للواقع العملي وبالمستوى المطلوب من الجودة وهذه المرتكزات هي سعة الأفق ( تغطيتها للأوجه المالية وغير المالية، تمثيلها للواقع الداخلي للشركة والبيئة الخارجية)، التوقيت المناسب، ومستويات التجميع والطبيعة التكاملية.

      أما مجال تقويم استخدام المعلومات المحاسبية في محور صناعة قرارات إدارة العمليات فقد بحث من مجموعة بحث أخرى كدراسة Kaplan and Mackay, 1992: 121-123)) ، حيث خلصت نتائج تلك الدراسة إلى بيان المنافع المتولدة من معلومات أنظمة التكاليف على أساس الأنشطة في مجالات صناعة القرارات التشغيلية في مجموعة من الوحدات الاقتصادية الصناعية والخدمية الأمريكية.


        فتلك الدراسات بمحاورها المختلفة تنطلق من معطى مفاده أن كل من الأكاديميين والمهنيين وفي كل من مجالي المحاسبة والإدارة هم على إطلاع وإدراك كافي لتلك الحاجات من المعلومات المحاسبية الملائمة لصناعة القرارات. والتساؤل الذي يطرح نفسه في هذا الموقف هو: هل أن نظم المعلومات المحاسبية الحالية قادرة على تقديم المعلومات المحاسبية الملائمة لصناع القرارات؟.

 

توفر المعلومات الملائمة من نظم المعلومات المحاسبية:

     بينت نتائج مجموعة من الأبحاث ضعف تقديم المعلومات المحاسبية الملائمة المطلوبة لصناعة القرارات وبحدود عمل إدارة العمليات من نظم معلومات محاسبية حالية. ولعل أحد أهم تلك الدراسات هي دراسة (Corbey, 1995:85-90). حيث قدم هذا البحث مشكلة الدراسة بإطار تصميم نظام معلومات المحاسبة الإدارية لدعم قرارات إدارة العمليات موصيا باعتماد اتجاهات بحثية مستقبلية تكون بديلة عن التوجهات التقليدية في موضوع تصميم نظم المعلومات المحاسبية (التي تعتمد في دراستها على الوجه المالي التاريخي للأحداث) والمبررة من خلال صفات بيئة الأعمال الحالية وتقنيات المعلومات المتطورة. كما بينت دراسات أخرى بأن إدارات الوحدات الاقتصادية قد عرضت عدم رضاها بشكل كامل عن النظم المحاسبية الحالية لقصورها في تقديم معلومات ملائمة لصناع القرارات, حيث عرضت تلك النتائج بناء" على مسح شمل 44 شركة صناعية قد أشارت معظمها إلى أن مدراء ها اتفقوا على أن نظام المعلومات المحاسبي قد صمم بشكل كامل لتلبية متطلبات عملية الإبلاغ المالي للخارج ورقابة التكلفة ((Karmarkar, et.al, 1990: 353-358 . بينما أوضحت دراسة مسحية أخرى في هذا المجال والمتعلقة بدراسة جودة مخرجات النظم المحاسبية لدعم قرارات إدارة العمليات بأن تلك المخرجات من المعلومات هي مرضية بشكل قليل. كما بين مسح آخر أجري على 298 مديرا لمصنع إنتاجي و102 من المدراء الماليين دعما لنتائج الدراسة السابقة ((Sullivan and Smith, 1993: 57-59. 

     وهنا لابد من التوقف على نتائج تلك الدراسات بمجملها والتي خلصت إلى وجود قصور أو عدم ملاءمة لمخرجات نظام معلومات المحاسبة الإدارية الحالية لمقابلة حاجات المستخدمين وبشكل خاص صناع القرارات (المدراء).


================== ------- -----

***********************


***********************

هل اعجبك الموضوع :
author-img
استاذ جامعي وباحث اكاديمي ومدون

تعليقات