------ ----- --------- المعايير التربوية، جذورها وماهيتها وتعريفها. المعايير التربوية، جذورها وماهيتها وتعريفها. -------

القائمة الرئيسية

الصفحات

=================

المعايير التربوية

 Educational standards


المعايير التربوية 


المقال الأول

 مقدمة:

يواجه أي مجتمع على الارض الكثير من التحديات والمشكلات التي تعيق تقدمه. بالتالي ذلك ادى إلى زيادة الحاجة إلى إصلاح وتطوير لأية منظومة تعليمية من خلال معايير تربوية معتمدة. والتي من أسمى أهدافها تمكين الفرد من امتلاك المعارف والمهارات المتنوعة التي تساعده على تنمية وتطوير ذاته بما يجعله عنصراً فعالا، والقيام بدوره المناط به والذي يعول عليه مجتمعه بان يكون فردا منتجا فيه.

وبظهور عدد من المتغيرات المؤثرات منها:

  • التوجه إلى تعميق مبدأ المحاسبية والمساءلة في الانظمة التعليمية.
  • ربط مبدأ الثواب والعقاب بالأداء في التعليم نتيجة للتقلبات التي يمر بها الاقتصاد العالمي.
  • ظهور مفاهيم جديدة بالتربية المستمرة والتعليم مدى الحياة والتنمية المستدامة والتربية المستقبلية.
  • حدوث تحولات (طفرة) في طرائق التدريس واستراتيجياته وأساليبه، وتنوع مصادر التعليم والتعلم.
  • انتقال بؤرة الارتكاز في العملية التعليمية من التعليم إلى التعلم ومن المعلم إلى المتعلم.
  • التحول من قياس المدخلات إلى التركيز على النتائج.
  • تأثر المخرجات التعليمية بسوق العمل.


 بذلك قد ظهرت دعوات تنادى بضرورة وضع مستويات معيارية (
Standards) يتم اعتماد الاداء في ضوئها  ومن خلالها يتم تقويم وتطوير النظام التربوي (عبد الموجود، 1996 ؛  Joan,2002). وبالتالي أصبح الإصلاح القائم على المعايير (Standards Based Reform) بمثابة القوة الدافعة والمحركة لكثير من السياسات التربوية التي تؤكد على ضرورة الارتقاء بمستوى أداء المتعلمين وتوفير الفرصة لكل ومنهم لتعلم المحتوى المناسب وصولاً إلى مستوى الأداء المطلوب تحقيقه (source Online, 2005).


وانطلاقاً من تلك الرؤية انتشرت حركة المعايير في التعليم وظهرت بقوة في الآونة الأخيرة من عصرنا الحالي حتى إنه يكاد أن يطلق على هذا العصر، عصر المعايير (
Era of Standards) (زيتون، 2004). فكيف نشأت حركة المعايير التربوية، وماذا يقصد بها، وما أهميتها، وما الأسس التي تقوم عليها، سواء في النظام التربوي بصفة عامة أو في برامج إعداد المعلم بصفة خاصة:

 

 النشأة التاريخية لحركة المعايير التربوية :

 تعتبر امريكا من أهم الدول التي أولت اهتماماً واضحاً بحركة المعايير في التعليم واتخذتها كحركة إصلاح لنظامهم التعليمي وبرامج إعداد المعلمين. ففكرة المعايير وتحديد مستويات أداء مقبولة ومقررات دراسية وأكاديمية لكل المتعلمين ليست فكرة جديدة على التعليم الأمريكي. فلها جذور قديمة ترجع لتقرير الذى أعدته إحدى اللجان الأمريكية الهامة (The Committee of Ten)  عام 1894 الذي دعا إلى تأسيس مناهج أكاديمية جديدة مناسبة لكل الطلاب.

 

عام 1918 شكلت (The National Education Association) أي الجمعية القومية للتربية.  عمل فيها مجموعة من المربين التقدميين الذين أنكروا عمل لجنة العشرة، وقدموا تقريراً عن المبادئ الأساسية  (The Cardinal Principles). والذي طالب بضرورة تنظيم التعليم الثانوي من أجل تعليم أفضل في القرن العشرين، وكذلك اعتماد الموضوعات الجديدة على الاهتمامات الحياتية الحاضرة للتلاميذ (Jeffrey, 2005).

 

إلا أن هناك كثير من الباحثين في المجال التربوي يرون أن بداية حركة المعايير التربوية الحديثة تعود إلى التقرير الأمريكي الشهير أمة في خطر (Nation At Risk). والذى نشر عام 1983 وانه سبب تغييراً كبيراً في خطاب الإصلاح التعليمي، وكذلك القلق الشديد للمجتمع الأمريكي على المستقبل ونوعية التعليم السائد ومدى المصداقية والدقة في هذا النوع من التعليم. إذ أنه يرى أن المؤسسات التعليمية أضعف من مواجهة الخطر الذى يواجه الأمة، وذلك بسبب الإهمال الشديد لهذه المؤسسات (Marzano, 1998).


حيث قدم تقرير أمة في خطر عدد من التوصيات الهامة لإصلاح نظام التعليم الأمريكي. ومنها: ضرورة تبنى المدارس والكليات والجامعات لمعايير عالية المستوى وأكثر قابلية للقياس، وأن ترفع الكليات والجامعات من متطلبات الالتحاق بها. وكذلك أوصى التقرير بضرورة تطوير إعداد المعلم وجعل التدريس مهنة أكثر احتراماً  من خلال إعداد معلمين في ضوء المعايير التربوية السائدة والمعتمدة، لكي يتمكنوا من التدريس بكفاءة. ويجب تقويم الكليات والجامعات التي تعد او تقدم برامج لإعداد المعلم من خلال مقابلة ودراسة مخرجاتها (اللجنة القومية للتميز التربوي) (
NCEE, 1983).

 

وهكذا فإن  الاحساس والشعور بالحاجة إلى تعليم فعال ومنتج قادر على تحسين حياة المتعلمين أدى إلى ضرورة تقويم شامل لأهداف وسياسات نظم التعليم. وليس في أداء هذه النظم فحسب، ومن ثم العمل على إنشاء معايير تربوية يتم بموجبها تقويم وتطوير النظام التعليمي.

 

في الوقت نفسه الذى بدأت فيه بعض المنظمات المهنية كالمجلس الوطني لمعلمي الرياضيات NCTM في كتابة النسخ الأولية لمعايير التقويم والمناهج للرياضيات بالمدارس والتي تم الانتهاء منها بحلول عام 1989.

 والأهداف التي يجب أن يطمح لها ويتوخاها نظام التعليم في أمريكا وبعض المبادئ التي يجب أن توجه قافلة التعليم فيها. كان أبرزها:

1- جميع الأطفال في الولايات المتحدة سيبدؤون التعليم وهم ومستعدون له.

2-  لا تقل نسبة المتخرجين في المدارس الثانوية عن 90% من أعداد الطلاب الذين أكملوا المرحلة الابتدائية.

3-  وجوب إجراء تقويم مطرد ومنتظم لأداءات الطلاب في الصفوف الرابع والثامن والثاني عشر. ويلزم التأكد من كفاءتهم في العلوم الأساسية كاللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم والجغرافيا والتاريخ، بالإضافة إلى نضجهم الاجتماعي كمواطنين في مجتمع منتج.

4-  يتعين أن يكون الطلاب الأمريكيين أوائل الطلاب على المستوى العالمي في تحصيل العلوم والرياضيات.

5-  أن يتحرر جميع الأمريكيين من الأمية، وأن يتسلحوا بالمعارف والمهارات اللازمة للتنافس في سياق النظام الاقتصادي العالمي وأن تزداد كفاءتهم في ممارسة حقوق المواطنة وواجباتها.

6-  أن تهيئ جميع المدارس في أمريكا بيئة منضبطة تؤدى إلى التعلم الحقيقي وتحرر أمريكا من المخدرات والعنف.

                                                                            (عبد الحليم، 2005).

 

وتم إنشاء لجان مسئولة عن تنفيذ وتطبيق الأهداف الجديدة. ومنها لجنة الأهداف القومية للتعليم  (NEGP)، والمجلس القومي للمعايير التربوية والاختبارات (NCEST) ، وبدأت اللجان تعمل من خلال طرح مجموعة من الأسئلة. مثل: ما المواد التعليمية المناسبة؟ ما أنواع وسائل وأدوات التقويم المستخدمة؟ ما معايير الأداء التي ستوضع لهذه المواد والأدوات المختارة؟ ( Marzano, & Kendall, 1996).


ففي عام 1992 بدأ المجلس القومي للمعايير التربوية والاختبارات مهام عمله رافعاً وثيقة المعايير القومية للتعليم الأمريكي. ومقترحاً إنشاء مجلس المعايير القومية والتقييم (
NESAC). وذلك لاعتماد معايير المحتوى والأداء كمحكات لعمليات التقييم. ومن هنا بدأت العديد من المنظمات والهيئات التربوية في إقامة مشروعات لبناء معايير خاصة بالمواد الدراسية المختلفة منها: المجلس القومي الأمريكي للدراسات الاجتماعية، ومشروع المعايير القومية للتاريخ ومشروع المعايير القومية للجغرافيا، والجمعية الوطنية لتعليم الفنون، والاتحاد الوطني لتعليم الفنون، مركز التربية الوطنية، واللجنة القومية للتربية الصحية، وكذلك مشروعات معايير اللغات الأجنبية، ومشروع 2061 الذى تناول العلوم  والرياضيات (MCREL, 2005).


وفي عام 1994 صدرت وثيقة بعنوان (أهداف عام 2000 قانون تعليم أمريكا). ونص القانون على الأهداف القومية للتعليم وركز على ضرورة وضع معايير في مستويات عليا لجميع الطلاب، وعلى ضرورة أن تتغير مناهج التعليم وأنظمة التقويم في امريكا. وأن تتوحد في مضامينها وأدواتها مع المعايير القومية لتجسم جميعها خطاً فكرياً وعملياً متسقاً (عبد الحليم، 2005).

 

وأنه بحلول عام 1999 يجب على كل ولاية أن تقيم طلاب الصف الرابع في القراءة، وطلاب الصف الثامن في الرياضيات. لكي تتأكد من مقابلة هذه المعايير. وتوالت بعد ذلك الجهود والمناقشات التي تعمل على تنقيح وتطوير المعايير القومية وضمت هذه الجهود كل من الحكام والمربين ورجال التربية والأعمال. وذلك من أجل تهيئة البيئة المناسبة لتطبيق هذه المعايير. وفي  عام 2000 ظهر شعار ثم قانون (يجب ألا يترك أي طفل بدون تعليم) (No Child Left Behind). وتضمن دعوة إلى التعليم المتميز للجميع والتطبيق الشامل للمعايير التربوية (Sonoma State University, 2004).


إن المتتبع لحركات الإصلاح التربوي يتلمس ما يطرأ عليها من تغيير من حقبة إلى أخرى. كما يلاحظ أنها سريعة الاستجابة لما يثبت فعاليته في مجالات الحياة الأخرى. وشهدت التربية منذ الخمسينات من القرن الماضي وحتى التسعينات منه عدداً من حركات الإصلاح التي وجهت أنظمتها وأسهمت في تطوير وسائلها. ومن أبرز هذه الحركات: حركة الأهداف التعليمية، وحركة القياس محكي المرجع، وحركة التعلم من أجل التمكن، وحركة الكفايات التعليمية، وحركة نواتج التعلم.

 فمنذ بداية الخمسينيات من القرن الماضي، والتربية تعتمد على الأهداف التعليمية ركنا أساسياً لتصميم العمليات التعليمية، وموجهاً دائماً لتنفيذها، ومحدداً لوسائل تقويمها. والأهداف التعليمية تأتى في مجالات ثلاثة: (معرفية ووجدانية ومهارية). ولكل مجال مستويات، وهى على مستوى المراحل التعليمية والمواد الدراسية أهداف عامة أو غايات، وفي مستوى الوحدات الدراسية والدروس التعليمية أهداف تعليمية أو إجرائية، ويجب أن تصاغ بصورة سلوكية- ادائية بحيث يمكن ملاحظتها وقياسها.

ثم جاءت حركة القياس محكي المرجع لتشير إلى أن جوانب تعلم الطلاب: (المعرفية والوجدانية والمهارية). يمكن إظهارها ويمكن قياسها بتحديد مخرجات للأداء في صورة محكات لتقييم مدى إنجاز المتعلمين، مما يعد تمهيداً حقيقياً لفكرة تقويم الأداء (فضل الله، 2005).

 

حركة التعلم من أجل التمكن:

تقوم هذه الحركة على مبدأ هام الا وهو أن 90 % من الطلاب يستطيعون أن يتعلموا ما يُدرس في المدرسة في أي مستوى إذا ما توفر الوقت الكافي والتعليم الملائم. والوقت الكافي يعنى الوقت المناسب للوصول إلى مستوى التمكن من الأهداف التعليمية، والتعليم الملائم يعنى تحديد الوحدات الدراسية للمقرر الدراسي. وتحديد أهداف تعليمية لكل وحدة وضرورة تمكن الطالب من أهداف الوحدة قبل الانتقال لوحدة أخرى (Huitt, 1996).



 التربية القائمة على الكفايات:

وظهرت حركة التربية القائمة على الكفايات كرد فعل لضعف او فشل التربية التقليدية في تحقيق أهدافها بشكل سلوكي إجرائي وسد النقص الذى يشعر به المتعلم في تدريبه على الأداء. ويري أتباع هذا المدخل أن المعرفة عبارة عن كفايات غير مترابطة يمكن تدريسها وتقويمها بصورة منفصلة. وكان الهدف الذى سعى إليه مناصري هذه الحركة هو تقنين المنهج وزيادة فاعليته من خلال تحديد مخرجات للتعلم في صورة كفايات وأنشطة أساسية ينبغي أن يتدرب المعلمون على إتقانها (الموسوي، 2004).


 حركة مخرجات التعلم:

بداية العقد الأخير من القرن الماضي ظهرت  (Learning Outcomes) أي حركة مخرجات التعلم. ونادت بضرورة تحديد نواتج تعلم، ليستطيع المتعلمون إظهارها بجلاء في نهاية أية خبرات تعليمية يمرون بها. وأن تكون هذه المخرجات في صورة أدائيات  أو أفعال وأكدت هذه الحركة أن جميع المتعلمين يمكنهم تحقيق نفس القدر من الإنجاز (ليس في نفس الوقت ولا بنفس الطريقة). وأن نجاحهم في تعلم شيء يقودهم إلى تعلم أشياء اخرى، وأن المدارس يمكنها التحكم في شروط النجاح ومتطلباته (فضل الله، 2005).


وقد حاولت هذه الحركة تلافي السلبيات في حركة الأهداف التقليدية التي يتم تحديدها بتفصيل وشمول مجزئة المادة التعليمية إلى معارف ومهارات واتجاهات. في حين أن المخرجات التعليمية عامة تندرج تحت عدد محدود من العناوين، وتحافظ على الترابط والتكامل بين معارف ومهارات المادة التعليمية وجوانبها الوجدانية كذلك تمثل هذه المخرجات ما يتم إنجازه وتقييمه في نهاية الدراسة. وليس توقعات ومقاصد واضعي المنهج. وبالتالي تشجع كل من المعلم والمتعلم على تحقيقها (
Harden, 2002).

 

ومن خلال تحليل هذه الحركات الإصلاحية في التربية يتضح ما يلي:

-        تدرجها في التحول من الاهتمام بالمعارف إلى العناية باستخدام المعرفة.

-        تحولها من التعامل مع جزئيات المعارف ومكونات المهارات إلى التركيز على التكامل بين أجزاء المعرفة، وبين مكونات المهارة الواحدة، وبين مهارات المادة الواحدة.

-        انتقالها من التسليم بوجود الفروق الفردية بين المتعلمين، وإلى حتمية وجود مستويات مختلفة لتحصيلهم الدراسي إلى العمل على تذويب هذه الفروق، والوصول بجميع التلاميذ إلى نفس الدرجة من التحصيل.

-        تغيير محور تركيزها من مدخلات العمليات التربوية والتعليمية إلى مخرجات هذه العمليات ونواتجها.

-        ارتقائها من مستوى التوقعات لما ينتظر من نتائجها إلى مستوى الإلزام بضرورة حدوثه لضمان تحققه دون إهدار للوقت والجهد.

-        تطور إجراءات إصدار الأحكام والتقديرات، والاستجابة لها من الملاحظة والقياس ـ غالباً ـ من جانب طرف واحد إلى العلم بالمحكات، وتلمس المؤشرات من جميع الأطراف (الشفافية والمشاركة).

-        التمهيد للانتقال من الاهتمام بالرصيد المعرفي وتطبيقاته في التعليم والتقويم إلى الاهتمام بما يستطيع المتعلم أداءه من هذه التطبيقات، ونتيجة هذه المعرفة في المواقف الحياتية الحقيقية أو المحاكية.

                                                                         (فضل الله، 2005).

 

ومن الطبيعي في ظل هذه المرونة استجابة التربية لفكرة المعايير  التي أخذت بها المجالات الحياتية الأخرى. وثبت فعاليتها في تطوير نواتجها مما أدى إلى ظهور حركة المعايير التربوية (Standards Based Education) رغبة في تحسين المنتج التربوي والتعليمي سواء أكان: متعلماً أو معلماً أو كتاباً أو نشاطاً أو تدريساً أو تقويماً.  وعلى ذلك يمكن النظر إلى التربية القائمة على المعايير على أنها حركة إصلاح تربوي معاصر تبلورت -إلى حد كبير- أفكارها وبدأ الأخذ بها يؤتى ثماره من خلال الاهتمام بتطوير المناهج التعليمية  وبرامج إعداد المعلمين وأدوات واساليب التقويم (سالم، 2004).


أما عن علاقة المعايير التربوية بحركات الإصلاح التربوي السابقة عليها فإن المتأمل لهذا ولما كتب عن هذه الحركة. قد يرى أنها حركة حديثة في مسماها وفي الآليات التي تفرضها لتطوير المناهج الدراسية والبرامج التعليمية وفي جهود الأخذ بها واعتمادها أساساً للتطوير التربوي الحادث حالياً في كثير من الأنظمة التعليمية في بلدان متقدمة.

ويمكن أن يقودنا التأمل لما كتب عن حركة المعايير التربوية إلى القول بأنها امتداد طبيعي لما سبقها من حركات. وأن كثيراً من مبادئها مألوفة، وسبق الإقرار وقت طرحها بجدوى الآخذ بها، وتأتى جوانب الآلفة بهذه الحركة وأدلة علاقتها بما سبقها فيما يلي:

●  تركيزها على مفهوم الأداء: يعكس الإفادة من التطور الذى طرأ على حركة الأهداف التعليمية بتركيزها على السلوك الذى يمكن ملاحظته وقياسه.

● حرصها على تحديد معايير لكل أداء  ترجمة لإفادتها من حركة القياس محكي المرجع التي استخدمت المحكات.

● مقصدها بأن المعايير إنجازات يلتزم المعلم بضمان تحقيقها، تدعيم لمفهوم المحاسبية الذى نادت بها حركة الكفايات التعليمية.

● تأكيدها على الأداءات التي يظهرها المتعلمون بجودة عالية في سياق واقعي بعد مروهم بخبرات تعليمية. واستفادة كبيرة من حركة نواتج التعلم.

 

وعلى هذا الأساس فإن الدعوة إلى تركيز التعليم والتعلم على الأداء، وجعل التقويم مبنياً عليه. وضرورة وضع معايير لهذا الأداء، وتوفير الضمانات لتحقيقها مبادئ مستمدة من جميع حركات الإصلاح السابقة، تبلورت واجتمعت في هذه الحركة المعاصرة. إن من يعتمد على اي حركة من حركات الإصلاح السابقة ويرى أفضليتها على غيرها  يمكن أن يجد في حركة المعايير التربوية ما يتفق وتوجهه. ومن ثم فلا مبرر لرفض هذه الحركة أو عدم التجاوب مع متطلباتها ولاسيما في ظل العولمة والنظام العالمي الحالي والتقدم التكنولوجي والمعلوماتي، والعالم الذى أصبح قرية واحدة. والحاجة إلى توفير مواصفات للمتعلم لا تقل عن مواصفات نظرائه في أي مكان في العالم. وحسب المعايير العالمية التي تقرها المنظمات المهنية والهيئات التعليمية المشهود لها بالتقدم والرقى، إن من المهم مسايرة التطورات لا مواجهتها  بشرط التأكد من جذورها وأثرها الإيجابي (فضل الله، 2005).

 

ما المعايير ؟

المعيار في اللغة العربية يعني ما اتخذ أساسا للمقارنة والتقدير. ومعيار النقود مقدار ما فيها من المعدن الخالص المعدود أساساً لها بالنسبة لوزنها وجمعها (عيارات). والمعايرة: التقدير بالحجم بمحاليل قياسية معروفة قوتها. والمعيار في الفلسفة: نموذج متحقق أو متصور لما ينبغي أن يكون عليه الشيء، ومنه العلوم المعيارية، وهى المنطق والأخلاق والجمال وجمعها معايير (مجمع اللغة العربية،2000).

 

ويطلق عليه في اللغة الانكليزية  Standard   مقياس ثابت للمدى أو الكمية أو النوع أو الحجم. ويعنى نوع أو نموذج أو مثال للمقارنة أو محك التميز (The new international Webster's comprehensive, 1999).


ومن الناحية الاصطلاحية تعددت تعريفات مصطلح المعيار، فقد عرفها المهتمون بالمجال من زوايا كثيرة مثل المحتوى، الأداء، فرص التعلم، منح رخصة مزاولة المهنة، إعداد المعلم للتدريس، التقييم، التنمية المهنية.

ومن أمثلة هذه التعريفات:-


- عرف  (
Jeanne, 1996 ) المعايير بأنها: تلك النصوص المعبرة عن المستوى النوعي الذى يجب أن يكون ماثلاً بوضوح في جميع الجوانب الأساسية والمكونة لأي برنامج تعليم. وهذه الجوانب تشمل: الفلسفة التي ينطلق منها البرنامج، والهيئة التعليمية، والطلاب، والإدارة، والمصادر التعليمية، والكفايات المهنية للمعلم.

 

- ويعرف ( Edelfelt & Raths, 1998) المعايير بأنها: تلك الأشياء التي تؤسس بواسطة السلطات أو الأعراف والتقاليد السائدة، أو الموافقة العامة عليها كنموذج ومثال يجب أن يتبع أو تلك المستويات المحددة لدرجة الجودة المطلوبة والكافية لغرض ما.

- ويعرف (زيتون، 2004) المعيار بأنها: تحديد للمستوى الملائم والمرغوب من إتقان المحتوى والمهارات والأداءات وفرص التعلم ومعايير إعداد المعلم.


في ضوء هذه التعريفات المتعددة لكلمة معيار (
standard)  يتضح ما يلي:

-  ارتباط التعريف بالمجال الذى تستخدم فيه الكلمة.

-  تشترك المعايير في أنها تشير إلى تحديد للمستوى المرغوب فيه داخل هذا المجال.

 

وبالتالي يمكن تعريف المعايير التربوية بانها: عبارة عن مجموعة من العبارات والنصوص تعمل كموجهات أو خطوط مرشدة  متفق عليها من قبل خبراء التربية والمنظمات والمؤسسات ذات الصلة. وتعبر عن المستوى النوعي الذى يجب أن تكون عليه جميع مكونات العملية التعليمية من طلاب ومعلمين وإدارة ومناهج ومصادر تعليم وتعلم وأساليب تقويم ومباني وتجهيزات، …الخ.

 

انتظرونا في مقال اخر عن المعايير التربوية.

المعايير التربوية ومجالاتها خصائصها وفسلفتها


================== ------- -----

***********************


***********************

هل اعجبك الموضوع :
author-img
استاذ جامعي وباحث اكاديمي ومدون

تعليقات