------ ----- --------- نظرية معالجة المعلومات والتعلم في ضوئها. نظرية معالجة المعلومات والتعلم في ضوئها. -------

القائمة الرئيسية

الصفحات

=================


 

 نظرية معالجة المعلومات ماهيتها والتعلم في ضوئها وافتراضاتها ونماذجها -  (نموذج معالجة المعلومات علم النفس المعرفي).

 

نظرية معالجة المعلومات والتعلم في ضوئها.

 نظرية  معالجة المعلومات علم النفس المعرفي نظرية من النظريات المعرفية والتي من خلالها تتضح اهمية احد اوجه لماذا ندرس علم النفس المعرفي.

 

نظرية معالجة المعلومات (أساليب معالجة المعلومات):

 إن الاهتمام الكبير بالعقل البشري وأساليب نموه وتطوره يعكس لنا من دون شك ملامح المنظومة التربوية المميزة لمستهل الألفية الثالثة. فهي منظومة قدمت على أساس تنمية وفتح أفق جديد لعقول الأفراد ورعايتهم، لتكون في مستوى تطلعات مجتمعاتها ولكي تلعب دوراً فعالاً في مجتمع ما بعد الصناعة وذلك يتطلب من الفرد أسلوبا عالياً من التكيف المعرفي (أباضه،2000 : 5).

ولقد تميزت المنظومة التربوية في العقود الأخيرة من القرن العشرين وفي العديد من دول العالم بالبرهان على التربية المتسمة بالجودة حيث ركزت الاهتمام على تنمية قدراتهم الذهنية على أفضل وجه ممكن. وبعد إن تأكد ما للثروة البشرية من أهمية في تطوير المجتمع وتقدمه على اعتبار أنها أهم مورد تنموي على الإطلاق(إوزي ،2003 :1).

 

وتعد عملية الاستذكار  Achievement (مهارات معالجة المعلومات والاستذكار الفعال). من الفنون الذهنية الرفيعة التي يتقنها ويعجز عن إتقانها البعض الآخر، ولا يمكن اعتبار عملية الاكتساب والتحصيل عفوية تلقائية، وإنما هي عملية مدروسة لها قواعدها وأصولها ومبادئها وشروطها التي تجعل منها عملية فعالة وايجابية وتجعل للتحصيل عوائده المنشودة وسلوك الفرد وفي شخصيته وفي حياة المجتمع وتقدمه (العيسوي2004، :75 ).

 

كما إن الفرد يقوم بحفظ وخزن حصيلة إدراكه السابق للمواقف والمثيرات الحسية (معالجة المعلومات في الدماغ). الماضية التي واجهها في الماضي في ذاكرته سواء أكان فشلاً أو نجاحاً، تقدماً وتطوراً أو تراجعاً وتدهوراً. فتلك المعلومات المختزنة تشكل متراكماً من تجارب وخبرات الفرد وما تعلمه إثناء تفاعله مع البيئة (باقر ،1984 :115).


التعلم من وجهة نظرية معالجة المعلومات :

نحاول ان نقدم توضيح وشرح نظرية تجهيز ومعالجة المعلومات، وكيفية التعلم وادارة وتجهيز المعلومات وفقها.

فنظرية معالجة المعلومات هي إحدى الاتجاهات الهامة والرئيسة في علم النفس المعرفي (Cognitive Psychology  ) الذي له وجهة نظر خاصة في الإنسان لما يمتاز به من قدرات عقلية فذة منفردة. وقد اقترن ظهور نظرية المعلومات بكل من شانون وواينر عام (1948). وهي في الأساس نظرية في تكنولوجيا الاتصال إذ تقرر وجود حد أعلى للمعدل الذي يمكن أن ننقل به المعلومات في أية قناة اتصال، وقد استخدمت في علم النفس كونها نسقاً للقياس (أبو حطب، 1983 :293).

ومن التطبيقات التربوية لنظرية معالجة المعلومات اصبح لها دور مهم في عمليتي التعليم والتعلم. فقد ارتبطت عملية معالجة المعلومات بحركة السبرنتيكا (The Cybernetics Movement  ) هذه الحركة التي عملت على استكشاف العلاقة بين الإنسان والآلة (غزاوي، 1987 :27).


 وإن التعلم من وجهة نظر أصحاب نظرية معالجة المعلومات -نورمان يتكون من عدة عمليات داخلية تحدث بين مرحلة تلقي المثيرات البيئية واستجابة الفرد لها. إذ تحاول وضع تصورات وافتراضات تفسر العمليات التي تتلقى المثيرات الحسية وتعالجها وصولاً إلى الحصول على مخرجات استجابية. والشكل (1) يوضح مراحل معالجة المعلومات أي يوضح إستراتيجية معالجة المعلومات عند الإنسان.

استقبال المعلومات            معالجة معلومات            مخرجات المعلومات

                                                (مصطفى، 1993 :347).

 

يصف نموذج  معالجة المعلومات علم النفس المعرفي، التفكير والنشاط الذهني عبارة عن حقائق أساسية لوجود الإنسان. وهو الأساس الذي يجب أن تستند إليه النظريات النفسية للإدراك والمعرفة والتعلم التي يتم صياغتها. وتصف هذه النظريات الأفراد بأنهم كيانات فعالة تقوم بمعالجة المعلومات عقلياً ـ ذهنياً، وغالباً ما تكون على شكل نوع من التركيب الرمزي، كما تصف الذاكرة البشرية بأنها تتكون من نوعين من أنظمة الذاكرة على الأقل، ذاكرة طويلة المدى غير محددة وذاكرة قصيرة المدى محدودة. فضـلا عن تأكيدهـا العلاقة في الأداء بين العمليـات العقليـة المعرفية المختلفة Andre, 1986, p: 221)).

 

تركز نظرية تمثيل المعلومات على تحديد بنى المعلومات واستراتيجياتها وإجراءاتها في أنظمة تجهيز ومعالجة المعلومات عند الإنسان. والتي تتضمن تنظيماً محكماً وداخلياً تنشط فيه جميع الأجهزة الحسية والعصبية والإدراكية والعقلية، والشكل (2) يوضح ذلك.    

 

الشكل (2) يمثل معالجة المعلومات في التعلم المقصود

                                              (Brace V., 1986, p: 291). 

افتراضات  نظرية تجهيز ومعالجة المعلومات:

 إن الافتراض النظري الأساسي للمفاهيم النظرية لمعالجة المعلومات هو أن العمليات العقلية المعرفية. تتضمن الانتباه والإدراك ومن ثم الاحتفاظ بالمعلومات وخزنها، وهي ليست نتيجة مباشرة لعمليات التنبيه والاستثارة الخارجية فقط، بل هي نتيجة للنشاط الفعال لعمليات داخلية معقدة تطورية تراكمية عبر مراحل النمو المختلفة، (البدران، 2000  :28).

وإن الاختلاف بين وجهة النظر المعرفية هذه والنظريات التي سبقتها في ميدان علم النفس والتعلم (مثل السلوكية)، يكمن في تأكيدها على نقل وتحويل وترميز المعلومات وكافة العمليات العقلية المصاحبة لها. وإن الاستراتيجيات والخطط التي تستخدم تساعد على ظهور أكثر من المثير ـ الاستجابة، وإن التعلم السلوكي يؤكد المبدأ الميكانيكي ـ الآلي في التعلم بوصفه جزءاً رئيسياً مبنياً على أساس مبدأ الوسيلة الميكانيكية التي تعمل فيها المثيرات بوصفها قوى تجبر المتعلم على استخدام أساليب سلوكية معينة Andre, 1986, p: 3)  ).

 

أساليب معالجة المعلومات:

أن المعالجة المعرفية للمعلومات تتناول العمليات العقلية بكونها تخطيطاً عقلياً  منتظماً يستخدمها الطلبة للاكتساب والإعادة والاسترجاع. وكذلك إجراء عمليات التحليل والتصنيف للمعلومات في الموقف التعليمي.

وتوضح وجهة نظر المعالجة المعرفية للمعلومات أن التعلم والسلوك يبرزان من خلال التفاعل والتداخل ما بين البيئة والخبرة والمعرفة السابقة للمتعلم Rigney, 1978, p: 212)  ) ،وهذه المعالجة المعرفية للمعلومات عبارة عن بناء يتألف من عناصر ومكونات لغرض المعالجة تتضمن مختلف أنواع الترميز ومحتويات التخزين وعمل الذاكرة بمستوياتها البعيدة المدى والقصيرة المدى (Hunt, 1980, p: 453).

 

 اسس نظرية معالجة المعلومات:

وفي ضوء ما تقدم فان المسلمات التي يستند عليها الأساس النظري لمعالجة المعلومات. هي:-

وجود نظام خاص وداخلي من الضبط والتحكم يتكون من مكونات الذاكرة ومستوياتها ويتضمن كل المعلومات التي يتم ورودها إلى الذاكرة وتخزينها واسترجاعها من خلال ترميزها. وتكون هذه المعلومات مترابطة في علاقات تنظيمية متباينة ومتفاوتة في مستوى أدائها.

تفترض النظرية توفر عدد من عمليات التجهيز ومعالجة المعلومات ونظم التعامل معها بتداخل تنشيط المعلومات المخزونة في مستويات الذاكرة وأنظمتها.

يوجد عدد من الأسس والقواعد المنتظمة تساعد على غربلة ودمج وتركيب العمليات في شكل برنامج كلي للمعالجة. ومن خلال ذلك نستدل على شكل السلوك الخارجي القابل للملاحظة والتقويم.

إن عملية الارتقاء بالأداء والإنجاز العالي في أية عملية عقلية معرفية معناه القدرة والقابلية على توظيف وتفعيل المعلومات وتنشيطها. وهي تعتمد على إمكانية استقبال المعلومات بشكل منظم وإحداث التفاعل النشط الذي يثري المعلومات السابقة المخزونة، أي القدرة الواعية على الخزن والاحتفاظ والاسترجاع طبقاً لمتطلبات الموقف والخصائص المتفردة للمتعلم (البدران، 2000 :31).  

 

بعض النماذج العالمية نظرية معالجة المعلومات:

 تستند التطبيقات التربوية لنظرية معالجة المعلومات الى عدد من النماذج المنبقة من هذه النظرية. ومنها:

1: نموذج نيويل وسيمون في معالجة المعلومات :- 

لم يقدم نيول وسيمون (Newoll & Simon  ) نظرية متكاملة المعالم والاتجاهات في التعلم، إلا أن تأثير نظريتهما عن محاكاة الحاسب الآلي لعمليات معالجة المعلومات تقدم تصوراً مختلفاً عن تصور عمليات التعلم التي شاعت في نظريات التعلم. إذ تصورا الإنسان بوصفه معالجاً نشطاً للمعلومات يعكس تعلمه، ويظهر سلوكه أثار وعلاقات مترابطة للمعلومات التي تناولها في موقف معين، كما يعكس أنواعاً ونتائج جديدة من المعلومات التي استرجعها واستخدمها ومما تم خزنه في ذاكرته.

ومن وجهة نظرهما يريان بأن الإنسان لديه مجموعة من الصور عن البيئات السابقة والحالية الخارجية منها والداخلية وهذه الصور ليست نسخاً مطابقة للخبرات الخارجية والداخلية. ولكنها صور تتضمن نظاماً من التحويلات والتمثيلات ومن نتاج ترميز الفرد لها وانطباعه الشخصي عنها (جابر، 1983 :371).

أما المعلومات فأنها تتألف من توصيف وتحديد لملامح هذه  الخبرات، يضاف إليها المشكلات والأعمال التي يواجهها الفرد، وحالته النفسية ـ العقلية الراهنة، ومدى النقص الموجود لديه في حلول للمشكلات التي يواجهها والأهداف التي يطمح إليها والقواعد التي يمكن أن يعالج بها المعلومات أو يحل المشكلات لتتحقق الأهداف (السامرائي، 1994 :43),

 وهما يقرران أن معالجة المعلومات في الدماغ حيث ان الذاكرة الإنسانية مؤلفة من تنظيم قائمة من الأبنية أو التكوينات. وقد تتألف مكونات أية بنية معينة من قوائم فرعية وفضلاً عن ذلك فان مكونات هذه القوائم تشتمل على معلومات مستمدة من أشكال حية مختلفة في أوقات مختلفة وتخرج في صورة استراتيجيات مختلفة من الترميز (Biggs, 1979, p: 375).

 

 ومن هذا المنطلق فان نيول وسيمون يقدمان الخصائص الأولية لنظام معالجة المعلومات لدى الفرد الإنساني ونظام ذاكرته المركب من المستويات الطويلة والقصيرة وعمليات حفظ واسترجاع سريع وتخزين بطيء وعمليات النسيان والتلاشي للمعلومات، فكل هذه الخصائص تؤثر بشكل مهم في مستويات التعلم ومعالجة المعلومات وتؤثر البيئة الخارجية في الإنسان وفي معالجة وتجهيز المعلومات بالرغم من القدرات والقابليات التي يمتلكها الفرد.

 

وعلى هذا الأساس فهما يعتقدان بأن مفهوم مهارات معالجة المعلومات وسياقاته العامة عند الفرد الإنساني يتضمن خصائص أساسية تمتلك ثباتاً نسبياً من عمل إلى أخر ومن شخص إلى أخر. أي أنهما يُقران بوجود خصائص أساسية قليلة جداً يمكن أن تكون قاسماً مشتركاً لدى الناس جميعاً في ما يتصل بطرائقهم في تجهيز ومعالجة المعلومات، على الرغم من ذلك فأنهما يقرران أن العمليات الحسية وأجهزة الاستقبال الحسي تتطلب مدخلات متساوية على نحو واضح (جابر، 1983 :377).

والإنسـان من وجهـة نظـر (نيول وسيمون) كائـن حـي مـرن ومتوافـق بدرجـة عاليـة. ويقـوم باستمـرار بمعالجـة المعلومـات بطرائـق مختلفة تتحدد بخصائـص نسـق معالجـة المعلومـات وحـدود ذلك النسـق في مواقـف التعـلم، وخلال حل المشكلات ينظر الفرد للمشكلة المطروحة ويفحص الحالة الراهنة في محاولـة منـه لحل المشكلـة. ويتأمل الرسائـل والأساليب المختلفـة التي يستخدمهـا ليتقدم في حلها، ولما كان لا يستطيـع تجنب بعض الأخطـاء فسوف تتـاح له الفرصة لحل المشكلة باستخدامـه وسائـل معينة قد تقربـه أو تبعده عن الحل. ويمتلك الفرد عدداُ محدوداً من القواعد والوسائل، ويواجه سلسلة من القرارات لكي ينتقل للخطوة اللاحقة أو يبين مدى مثابرته في الحل الذي يجربه أو متى يقوم بتغيير استراتيجياته وتكتيكاته. وخلال هذه العملية يقوم المعالج للمعلومات بعقد موازنات ـ بين الحين والأخر ـ بين الحالة الحاضرة للمعرفة (مشكلة غير محلولة) والحالة المرغوب فيها (مشكلة محلولة)، ويتعرف على طرائق تحديد الفروق بين المشكلات غير المحلولة، ويحدد الوسائل المختلفة التي يستطيع بوساطتها أن يدخل تحسناً على حالته الراهنة وصولاً إلى حل المشكلة (جابر 1978 :373).

 

2 : نموذج جانييه في معالجة المعلومات :-  

لقد قدم جانييه (Gagne) نموذجا نظريا في استراتيجيات معالجة المعلومات

إذ يرى عند عرضه للنموذج بأن المثيرات والمحفزات الخارجية تؤثر في حواس الفرد ويتم استقبالها بصورة انتقائية منظمة، وتتحول إلى رسائل عصبية تصل إلى الجهاز العصبي، ثم تختزن لكي يتم استرجاعها، وعند الاسترجاع يحورها الجهاز العصبي إلى استجابات تظهر بشكل صور لفظية أو حركية أو أدائية منظمة، وما لم تتم هذه العملية فإننا لا نستطيع أن نعرف أن الدورة السلوكية قد اكتملت. فالتعلم في هذه الحالة ما هو إلا سلسلة من العمليات التي تجري داخل الإنسان بين مرحلة تلقي المثيرات (المدخلات) والحصول على النتائج أو الاستجابات (المخرجات)، وتتمثل خطوات هذه العملية في ما يلي :-

تؤثر المثيرات البيئية في الحواس التي هي أعضاء الاستقبال الحسي وهذه الأعضاء تنقل المثيرات إلى الجهاز العصبي المركزي إذ تمر بجهاز تصنيف وتسجيل يطلق عليه المسجل الحسي (Sensory Register).

إن المسجل الحسي هو المسؤول عن العمليات الأولية، أي إدراك المثيرات البصرية والسمعية (صور سمعية وبصرية) وهي التي تتلقاها وتستقبلها الحواس ثم يقوم المسجل الحسي بتحويل الرسالة إلى رموز مناسبة (وتستغرق هذه العملية زمناً قصيراً لا يتجاوز جزءاً ضئيلا من الثانية).

تدخل الرسائل إلى الذاكرة القصيرة الأمد أو الفعالة، فيعاد تنظيمها لها في ضوء مفاهيم مختلفة، فالعدد (2) يتحول من رمز إلى مفهوم الاثنينية في مركز الذاكرة قصيرة المدى خلال ثوان قليلة.

وإذا أراد الفرد حفظ المعلومات، فإنها تسجل بطريقة مناسبة وتنقل إلى الذاكرة الكامنة (مستودع المعلومات) إذ تبقى حتى تستدعى منها، وقد يكون هذا البقاء بصفة مستمرة على الرغم من أنه يصعب أحيانا استرجاع المعلومات من الذاكرة نتيجة صعوبة العثور عليها، أي معرفة مكان تسجيلها. وان مفهوم الذاكرة القصيرة المدى والبعيدة المدى، أو الذاكرة الفعالة والذاكرة الكامنة يقصد به وجود عمليات عقلية معرفية وليس وجود مواقع محددة ومنفصلة في المخ لكل منهما.

 

تؤثر المعلومات الموجودة في الذاكرة الكامنة (طويلة المدى) أو في الذاكرة الفعالة (قصيرة المدى) في عملية الاستجابة ولكي تفعل هذا لابد أن تصل إلى مولد الاستجابات الذي يفحص الرسالة ويميز مركز الاستجابة المناسبة، ويرسل رسالة عصبية لمركز التنفيذ، وبهذا يتفاعل الفرد مع البيئة، وتعرف نتيجة التعلم.

وإن الخطوات السابقة تصف استراتيجيات معالجة المعلومات داخل الفرد ولكن ما هي ضوابط سير هذه المعلومات؟ وللإجابة عن هذا التساؤل تقدم النظرية مفهومين هما مركز التوقعات (Expectencies) والضبط التنفيذي (Executive control) إذ أن مركز التوقعات يتعلق بعملية إدراك المثيرات الواردة من الحواس وتفسيرها وتصنيفها وتسجيلها في الذاكرة.

 

أما الضبط التنفيذي، فإنه يعالج عملية خزن المعلومات في الذاكرة الكامنة وله صلة باستدعائها لتشكيل الاستجابة، وهذان المكونان يؤلفان الاستراتيجيات المعرفية  (Cognitive Strategy) (جابر،1978 :376-378 ).

 

 

3 : نموذج كارول في معالجة المعلومات في الدماغ:-

لم تقدم كارول (Carrol) نظرية خاصة في معالجة المعلومات إلا أنها أشارت إلى العناصر المعرفية الأساسية في نظام معالجة المعلومات لدى الإنسان. وقد توصلت إلى هذا النظام من خلال تحليل نظري ومنطقي للأداء والمهام التي يقوم بها الإنسان في معالجتها.

وهذه العناصر تتمثل في مايلي :-

المراقبة (Monitoring) : وهو العملية التي تتضمن موقفاً معرفياً يتم من خلاله تحديد الميل، ومراقبة عمل العمليات الأخرى خلال أداء مهمة المعالجة (Crogg, VII, 1986, P: 192).

الانتباه (Attention) : وهي العملية التي تتم من خلالها ملاحظة الفرد لنوع وعدد من المثيرات التي ينتقيها أثناء أداء المهمة. وذلك لفيض المعلومات التي نتلقاها من خلال أنظمتنا الحسية ولذلك توجب وجود تنقية واختيار المصادر للمعلومات المختلفة. ويشكل الانتباه حقيقية الإطار المركزي للإدراك النفسي وهو مشابه أو مناظر لأسبقية التقاطع أو الاعتراض في المثيرات(Kirby, J.R., 1978, p: 62)، وكما هو موضح في الشكل (3) .

يمثل مراحل إدخال المعلومات ومعالجتها واستخراجها أي كيفية تخزين المعلومات في ذاكرة الإنسان.

 

كيفية تخزين المعلومات في ذاكرة الإنسان.

 (Barber, 1988, p: 30) ، نقلا عن (البدران، 2000 :33).

 

الفهم (Apprehension) : وهو العملية التي يستخدمها الفرد الملاحظ في تسجيل المثيرات في المسجل الحسي (Sensory Register).

التكامل الإدراكي (Perceptual Integration) : وهو العملية التي يتم من خلالها إدراك المثيرات والغلق الإدراكي للمثيرات ومطابقتها مع أية تمثيلات سابقة مختزنة في الذاكرة.

الترميز (Encoding) : وهو عملية تشكيل تمثيلات ذهنية للمثيرات لغرض تفسيرها اعتماداً على مكوناتها، وصفاتها، ومعناها.

المقارنة (Comparison) : وتستخدم هذه العملية لتحديد إذا ما كان المثيران متشابهين (المثير المستدخل، والمثير المخزون على شكل خبرة سابقة). أو أنهما على الأقل من الصنف نفسه.

تكوين تمثيلي ـ إدماجي (Co - representation - formation) : ويستخدم للوصول إلى تمثيل جديد في الذاكرة. من خلال ربطه بالتمثيلات الموجودة في الأصل لدى الفرد.  

استرجاع التمثيل المدمج (Co - representation - retrieval) : ويستخدم في إيجاد تمثيل محدد في الذاكرة. وترابطه مع تمثيل أخر على أساس بعض قواعد الترابط.

التحويل (Transformation): وتستخدم هذه العملية لتحويل أو تغيير التمثيل الذهني على أساس محدد سابقاً.

تنفيذ الاستجابة (Response Execution) : وتستخدم هذه العملية لتعمل مع بعض   التمثيلات الذهنية للوصول إلى استجابة معينة.

وترى كارول إن هذه العمليات والعناصر لا يمكن أن تغطي كل العمليات المعرفية والتي تدخل في أداء الفرد للمهمة المعرفية. ولكنها تفسير يمكن أن يغطي العمليات التي يمكن عدها داخلة في نظام المعالجة لدى الأفراد،وهناك افتراض مفاده أن هذه العمليات ليست مستقلة عن بعضها البعض ولكنها مختلفة، وهذا الاختلاف يساعد على تحليل معالجة المعلومات إذ إن أسهل وأبسط المهمات والأداءات تحتاج إلى سلسلة طويلة متعددة من عناصر معالجة المعلومات (قطامي،1990 :637).

 

4 : نموذج براون في أساليب معالجة المعلومات:- 

  اتسمت نظرية براون (Brown) بأنها قسمت العمليات العقلية المعرفية الأساسية على :-

عمليات ما وراء المعرفية (Meta cognitive processes) : وهي عبارة عن مهارات تنفيذية تستخدم لضبط وتوجيه عملية معالجة المعلومات لدى الأفراد. إذ أنها وظائف للتحكم التنفيذي في توجيه الانتباه والإدراك واختيار الاستراتيجيات المعرفية المناسبة وحل المشكلات ومراقبة نجاح الاستراتيجيات وكفاءة الحلول.

العمليات المعرفية (Cognitive processes) : وهي عبارة عن مهارات تستخدم في توظيف الاستراتيجيات التنفيذية في العمل على أداء مهمة المعالجة.

وحددت براون (Brown) خمس عمليات ما وراء معرفية لها أهمية خاصة في نظام معالجة المعلومات، وهي ما يلي:-

التخطيط (Planning):- ويتمثل في خطوة البدء بالتنفيذ، بعد أن تم تحديد الإستراتيجية المعينة (Biggs & Teller, 1988, p: 196).

المراقبة (Monitoring):- وهي العملية التي يكشف من خلالها فاعلية خطوات الفرد في تنفيذ الإستراتيجية ومدى الاختلاف بينه وبين الآخرين(   (Rigncy, 1978, p:200.

الاختبار (Testing):- ويعني اختبار وتفحص الإستراتيجية أثناء أدائها.

المراجعة (Revising):- وتعني الاستخدام المستمر لإستراتيجية الفرد كلما دعت الحاجة لذلك.

التقييم (Evaluation):- وهو عملية تقييم الإستراتيجية المستخدمة من قبل الفرد وذلك من أجل تحديد فاعليتها.

وإن عمليات ما وراء المعرفية هي " تلك العمليات التي تشبه إلى حد كبير تلك العمليات المستخدمة في تقرير العمليات المعرفية المناسبة لحل المشكلات" (قطامي،1990 : 637 ).

 

5 : نموذج ستيرنبرغ في معالجة المعلومات :-

قدم ستيرنبرغ (Sternberg, 1985) نظاما خاصا لمعالجة المعلومات من اهم نماذج  معالجة المعلومات علم النفس المعرفي. يتكون من ثلاثة عناصر أساسية، وتتألف هذه العناصر من أخرى فرعية وهي تمثل ما يلي:-

1- ما وراء العناصر (Meta-Components):-

وهي عملية ضبط تستخدم في تنفيذ التخطيط ومراقبة الأداء من خلال الإستراتيجية، وتقييم أداء الفرد للمهمة وتعد عمليات ما وراء العناصر مرادفة لعمليات ما وراء المعرفة عند براون (Brown). وهي تمثل عمليات الفهم للمهمة، أو تنفيذ المهمة من خلال فهمها واستيعابها.

2- عناصر الأداء (Performance Components):-

وهي عمليات دنيا تستخدم في تنفيذ الاستراتيجيات المختلفة عند أداء المهمة، وهذه العناصر تتضمن ما يلي:-

الاستدلال (Inferring): ويعني استدلال العلاقة بين مثيرين متشابهين في أشياء ومختلفين في أشياء أخرى.

الترميز (Encoding): وهو إعطاء صفة ورمز لطبيعة المثيرات.

تطبيق العلاقات الاستدلالية السابقة في الموقف الجديد.

3- عناصر اكتساب المعرفة (Knowledge Acquisition Components):- 

    وهي عمليات تعلم واكتساب معلومات جديدة وخزنها في الذاكرة، ويرى ستيرنبرغ (Sternberg) بأن العناصر الأكثر أهمية في تعلم واكتساب المعرفة تتمثل في ما يلي :-

الترميز الانتقائي (Selective Encoding  ): وهي العملية التي يتم فيها عزل المعلومات الجديدة ذات العلاقة بموضوع معين عن المعلومات غير المتعلقة به وفي ضوء هدف محدد يحدث في موقف التعلم.

التجميع الاختياري (Selective Combination): وهو عملية تجميع المعلومات المرمزة اختياريا وفق أسلوب يزيد من تماسكها وترابطها داخليا.

المقارنة الاختيارية (Selective Comparison): وهي عملية ربط المعلومات التي تم ترميزها بالمعلومات المختزنة في الذاكرة وذلك لغرض زيادة ارتباطها بالبناء المعرفي الجديد، أو البناء المعرفي المشكل سابقا.

 

ويتم استخدام هذه الأنواع الثلاثة من العناصر في أداء المهمة لغرض الوصول إلى الحل، وتتباين أهمية استخدامها. إلا أن ما وراء العناصر (Meta-Components) هي الأكثر تطبيقا واستعمالا عند البدء في أداء معالجة المعلومات لما تمتلكه من خاصية التنشيط الفعال للمعلومات، إذ أن التحكم ينتقل مباشرة من النظام إلى العناصر حيث كان تنشيط العناصر يؤثر بالتالي في عملية الاسترجاع أو في الأداءات الأخرى التي يؤديها الفرد والمأخوذة من عناصر اكتساب المعرفة بحيث يتم تنقيتها حتى تصبح عناصر أداء عن طريق عناصر ما وراء العناصر (قطامي، 1990 : 641 ).

 

أساليب معالجة المعلومات في حل المسائل الرياضية:

ومن الممكن تصور هذه العملية في حل مسألة رياضية من خلال الخطوات التالية:-

يقرر المتعلم نوع ونمط المكون لنوع ما وراء العناصر لتحديد استخدام الإستراتيجية المعنية بذلك.

تحديد العنصر المسؤول مباشرة عن تحديد الإستراتيجية المناسبة.

تحديد العنصر المسؤول مباشرة عن أداء المهمة أثناء الخطوة الأولى في الإستراتيجية.

ينتقل التنشيط إلى عناصر الأداء اللاحقة للأداء والضرورية في تنفيذ الإستراتيجية.

رجوع التغذية الراجعة من عناصر الأداء وتوضيح مستوى نجاح الإستراتيجية .

يقرر الفرد نوع الأداء المطلوب وفقا لنتائج التغذية الراجعة.

عند تنفيذ الإستراتيجية لعدد من المرات، يتم اكتساب معلومات جديدة عن أسلوب حل المسألة الرياضية.

يتم نقل المعلومات المتعلقة بحل المشكلة بطريقة غير مباشرة، وذلك عن طريق عناصر اكتساب المعرفة ذات العلاقة بالحل إلى عناصر الأداءات ذات العلاقة وذلك لاستخدامها في حل مشكلات جديدة (السامرائي، 1994 :51).

 

وحدد ستيرنبرغ (Sternberg, 1979) ستة مصادر أساسية من الفروق الفردية في عملية معالجة المعلومات بين الأفراد وهذه الفروق هي :-

1- العناصر (Components): وتعني استخدام بعض الأفراد المتعلمين لعناصر أكثر من استخدام غيرهم لها، أي القدرة على استخدام وتوظيف عناصر معينة مثل ( أ، ب، ج ) في حين يستعمل فرد أخر عناصر مثل ( أ، ج، د). 

2- تجميع العناصر (Component Combination):

وهي عملية استخدام بعض الأفراد لصيغ معينة في تجميع العناصر، بينما يستعمل أفراد آخرون أكثر من قانون وأكثر من تجميع في عمليات المعالجة.

3- ترتيب معالجة العناصر (Order of Components Processing): وهي عملية استخدام البعض لأحد الأساليب في التتابع، في حين يستخدم الآخرون أساليب أخرى. ويمكن تصور ذلك بأنه السير في حل المشكلة وفق الترتيب (أ، ب، ج) بينما يسير فرد أخر في حل المشكلة وفق الترتيب ( أ، ج، د).

4- أسلوب معالجة العناصر (Mode of Components Processing): وتعني الطريقة التي يستخدمها الأفراد في معالجة العناصر، وتعني قدرة بعض الأفراد المتعلمين على استخدام طريقة أو مجموعة طرائق لمعالجة العناصر المختلفة عن أسلوب الأفراد الآخرين كاستخدام طرائق مختصرة أو مطولة في الوقت ذاته يستخدم آخرون أسلوبا مباشرا في معالجة المعلومات.

5- زمن العنصر ودقته (Components Time of Accuracy): ويقصد به عملية تنفيذ الحل أو أداء المهمة لدى الأفراد المختلفين من خلال عاملي الزمن والدقة والإنجاز.

6- التمثيل الذهني ـ العقلي للعناصر (Mental Representation): ويقصد به توفر إمكانية الاختلاف بين الأفراد في طريقة تمثيلهم للمعلومات في بنائهم العقلي، إذ تتوفر لدى الأفراد إمكانية حل مشكلة لغوياً، في حين يقوم فرد أخر بتمثيلها رمزياً خيالياً أو إسقاطياً (قطامي، 1990 :638-641 ).

================== ------- -----

***********************


***********************

هل اعجبك الموضوع :
author-img
استاذ جامعي وباحث اكاديمي ومدون

تعليقات