=================

 مراحل النمو الفني عند الطفل - التطــور الذهنـي والفني 

 

يتضمن المقال توضيحاً للمراحل التطورية التي يمر بها ذهن الطفل من الناحية الوظيفية والتطور في التعبير الفني للطفل. حيث اعتمدت العديد من الآراء والنظريات ممن كتب في هذا المجال.

مراحل النمو الفني عند الطفل- التطــور الذهنـي والفني

  مقدمة:

  لقد أجريت العديد من الدراسات التي حاولت معرفة تطور نمو الطفل من الناحية الفكرية الذهنية. واختلفت الآراء في طبيعة هذا التطور والمراحل التي يمر بها، ومن بين هذه الدراسات والآراء نجد ظهور اتجاهين للمعرفة. هما الأكثر سعياً وراء دراسة وتقصي الحقيقة في هذا المجال:

أولهما هي المدرسة الشكلية أو (الجشطالت Gestalt) والجشطلت كلمة المانية ليس لها مقابل دقيق في الانكليزية. وقد اقترحت ترجمات عدة لها مثل الشكل (Form) والتشكيل أو الصياغة (Configuration) والهيئة (Shape) والبنية (Structure) والجوهر (Essence) والطريقة أو الطراز (Manner) وغيرها (عبد الحميد، 2001، ص159). ويضيف عبد الحميد على ان الجشطلت هي تلك الصيغة التي يكون عليها النشاط أو العمل الفني أو السايكولوجي أو أي تكوين آخر يتسم بالكلية.

حيث اتخذت هذه المدرسة التيار الانبنائي في تفسير هذا التطور والانبناء (Structure) هو الوحدة المنظمة الحاصلة من تداخل العناصر مع بعضها البعض (GUILLAUME، 1968، ص85). وهناك اتجاه آخر لا يقل أهمية عن الجشطلت وهو رأي (Pieget) وهو رمز من رموز علم النفس الحديث وهو من مؤسسي علم النفس التكويني الذي يدرس مختلف مراحل النمو عند الطفل. وله العديد من المؤلفات والدراسات التي تخص نمو الطفل خاصةً تلك الدراسات التي أجراها معتمداً على اختبارات حية على أولاده والتي كان لها الفضل الكبير في تفسير أمور كانت خافية في علم نفس الطفل وذلك بشهادة الكثيرين حيث ان أحدث الدراسات في وقتنا الحالي جاءت معتمدة على دراسات (بياجيه) أو مكملة لها أو سائرة على نهجها في تقصي الحقائق فيما يخص نمو الطفل.

اعتمد (بياجيه) في طرح نظريته على مفهوم التوازن، والتوازن هو حصيلة الصراع بين الضغوط الخارجية والمعطيات الداخلية (يعقوب، 1982، ص66). وخير مثال على حالة التوازن هو حالة الجوع والآلام التي تصاحب الجوع وحالة الاشباع التي تعيد حالة التوازن للجسم. أي ان من صفات التوازن الاستقرار والتعويض والحركة. فالتوازن المقصود هنا هو توازن متحرك يخضع لتحولات وتبدلات عديدة تؤدي دائماً وفي النهاية إلى حالة الاستقرار. وباختصار أراد (بياجيه) أن يثبت انه يمكن تطبيق التوازن في دراسة العمليات الذهنية لدى الأطفال.

توصل بياجيه إلى تحديد ثلاثة مصادر للمعرفة هي :ـ

عملية الموازنة (The Process of Equilibration) والتمثل (Assimilation) الملائمة او الموائمة (Accommodation) ويقصد بالموازنة الكيفية التي يستطيع بها الانسان تنظيم المعلومات المتناثرة في نظام معرفي غير متناقض وهي تساعد الانسان على فهم ما يراه. وعن طريق هذه الموازنة يستطيع الإنسان تدريجياً الاستدلال (Inference) على الكيفية التي ينبغي أن تكون عليها الأشياء في هذا العالم (صالح، 2001، ص238).

مراحــــل التطــــور الذهنـــــــي:

اقترح بياجيه أربع مراحل أساسية للنمو والتطور الذهني :ـ

1.    المرحلة الحسية الحركية :ـ تمتد من الميلاد إلى السنة الثانية.

2.    المرحلة ما قبل الإجرائية :ـ وتبدأ من السنة الثانية إلى السابعة من عمر الطفل وتمتاز بالفكر الرمزي، وتنقسم إلى طورين :ـ

أ‌.           -    ما قبل المفاهيم والذي ينتهي بالسنة الرابعة ويكون فيه النشاط الرمزي أكثر وضوحاً من المرحلة الأولى.

ب‌        -  الطور الحدسي :ـ وفيه يرتقي الطفل إلى مستوى أكثر تعقيداً في تكوين مفاهيمه.

3.    مرحلة العمليات المحسوسة :ـ وتمتد من السابعة إلى الحادية عشرة من عمر الطفل، وفيها يطور الطفل قدراته على التفكير الاستدلالي ولكنه يكون محدوداً ضمن نطاق ما يشاهده.

وعندما يبلغ الطفل الحادية عشرة أو الثانية عشرة عندها يبدأ بتطوير المنطق الرمزي (Formal Logic).

4.    المرحلة الإجرائية الصورية :ـ وتبدأ من الثانية عشرة وفيها يستطيع الطفل التوصل إلى الاستدلالات عن طريق الاستدلالات الأخرى (صالح، 2001،ص241).

ومن وجهة نظر أخرى فقد قسم (فيكوتنسكي) مراحل التطور الذهني لدى الطفل إلى قسمين:ـ

"أولهما :ـ من ناحية العلاقات الاجتماعية :ـ

وتوجد خمس مراحل تسبق مرحلة المراهقة وهي :ـ

مرحلة الرضاعة :ـ من بداية الميلاد حتى نهاية السنة الأولى من عمر الرضيع تليها: مرحلة الحضانة (الطفولة المبكرة ) من بداية السنة الثانية حتى نهاية السنة الثالثة : مرحلة الروضة : من بداية السنة الرابعة حتى نهاية السنة السادسة ثم مرحلة الدراسة اللاحقة وهي قسمان :

القسم الأول :ـ منذ بداية السنة السابعة حتى نهاية السنة العاشرة .

أما القسم الثاني :ـ فيشمل السنتين الحادية عشرة والثانية عشرة.

 ثانيهما :ـ من الناحية السايكولوجية :

وهو نمط العلاقات المعرفية : وهنا توجد ثلاث مراحل في نمط المعرفة :

أولهما :ـ نمط المعرفة الحسية (الاحساسات ) هذا النمط ينشأ عند الطفل منذ لحظة الولادة ويستمر متطوراً حتى نهاية الحياة ويعبر عن نفسه بمعدل انطباعات ذهنية حسية متفرقة عبر الحواس.

ثانيهما :ـ هو مرحلة الإدراك الحسي (Perception) الذي يبدأ منذ بداية النصف الثاني من العام الأول ثم يتطور ويستمر طوال الحياة (إدراك الأشياء المادية المحيطة) وذلك بنشوء صور ذهنية حسية .

ثالثهما :ـ النمط الادراكي العقلي :

عبر المدركات العقلية المرتبطة باللغة : منذ بداية السنة الثانية بعد الميلاد . والاستمرار مدى الحياة مع التطور والاتساع الكمي والنوعي (واستمرار النمطين السابقين) (جعفر، 1987، ص69).

وهنالك آراء أخرى تحدثت عن مراحل التطور الذهني لدى الطفل نذكر منها :ـ

فلقد قسم (جوردن البورت) المراحل التطورية إلى أربع مراحل وهي :ـ

1.      المرحلة الأولى : الطفولة الأولى.

2.     المرحلة الثانية : من سنة (4-6) سنوات.

3.     المرحلة الثالثة : من سنة (6-12) سنة.

4.     المرحلة الرابعة : المراهقة ." (Allport ، د.ت ، ص33).

وهناك تقسيم آخر لأحمد نجيب وهو على النحو التالي :ـ

1.      مرحلة الواقعية والخيال المحدود بالبيئة وتمتد من سن (3-5) سنوات.

2.     مرحلة الخيال الحر وتمتد من (5-8) سنوات.

3.     مرحلة المغامرة والبطولة وتمتد من (8-12) سنة.

4.     مرحلة اليقظة الجنسية وتمتد من (12-18) سنة." (نجيب ، 1968 ، ص33).

 

مراحل التطور للتعبير الفني:

وفي ضوء نظرية بياجيه، قدم جاردنر نظريته الخاصة حول مراحل الإدراك الجمالي وقد تحقق من صدق نظريته هذه من خلال تلك الدراسات التي أجريت في نطاق المشروع (صفر) في جامعة هارفرد بالولايات المتحدة. قال فيها ان التطور الجمالي يحدث عبر مراحل متتابعة حددها كما يلي :ـ

1.     ادراك الرضيع : (منذ الميلاد حتى السنتين).

2.     معرفة الرموز : (من الثانية حتى السابعة ).

3.     النزعة الحرفية : (من السابعة حتى التاسعة ).

4.     انهيار الحرفية وانبثاق الحساسية الجمالية : (من التاسعة إلى الثانية عشرة).

5.     أزمة الاستغراق الجمالي : (من 13-20) . (عبد الحميد ، 2001، ص225) .

ـ معرفة الرموز ( من الثانية حتى السابعة) :ـ

في هذه المرحلة، تعلو فيها معرفة الطفل على مستوى المعرفة المباشرة بعالم الموضوعات والأشخاص ، انه يصبح هنا قادراً على قراءة (أي إدراك) الرموز التي هي بدائل تشير بدورها إلى الأشياء والأشخاص. وأبرز الرموز وأكثرها أهمية هنا هي رموز اللغة .

ـ النزعة الحرفية (من السابعة حتى التاسعة) :ـ

يستمر الطفل في هذه المرحلة ، في النظر بشكل مباشر من خلال الأعمال الفنية إلى الأشياء التي تمثلها أو تشير اليها في الواقع .

 

ـ انهيار الحرفية وانبثاق الحساسية الجمالية :ـ (من التاسعة حتى الثالثة عشرة):

يصبح الأطفال هنا أكثر اتقاناً لقواعد لغتهم وللأنظمة الرمزية الاخرى في ثقافتهم (أي ثقافة الأطفال) ففي هذه المرحلة يذهب الطفل إلى ما وراء القراءات الحرفية للكلمات والصور بل يتعداها إلى الجوانب الإشارية (Denotational).

وهناك آراء اخرى عديدة حاولت تقسيم مراحل التطور كلاً حسب رأيه الخاص أمثال (بيرت، 1921) و(تملسون 1944) و(لونفيلد، 1947) و(البسيوني، 1958) و( الخادم ، 1979 ).

وهنا نذكر منها على سبيل المثال:ـ رأي تملسون : (Tomilson) حول النمو الفني حيث قسمه إلى أربع مراحل :ـ

1.  مرحلة المعالجة اليدوية (The stage of hand manipulation) وتقع في المرحلة العمرية المحصورة بين (2-3) سنوات .

2.     المرحلة الرمزية :ـ (The stage of child symbolism) وهي بين (3-8) سنوات .

3.  المرحلة السابقة للواقعية ، أو المرحلة
الانتقالية :ـ (The stage of realization or A Transitional stage)وتقع بين (8-11) سنة.

4.  مرحلة الادراك والتيقظ :ـ (The stage of realization and Awakening which coincides with Puberty) وهي تقابل مرحلة البلوغ" ( البسيوني ، 1958 ، ص43).

بالرغم من تعدد هذه الاراء الا ان راي (بياجيه) يعد هو الأسلم سواء على صعيد التطور الذهني أو الفني وهو معتمد في اغلب الدراسات والبحوث التي تبحث في هذا المجال.

 

================== ------- -----

***********************

***********************