------ ----- --------- بلا رياضيات، عقولنا معطلة ... بلا رياضيات، عقولنا معطلة ... -------

القائمة الرئيسية

الصفحات

=================
         

   بلا رياضيات، عقولنا معطلة .

Without mathematics, our minds are damaged


         الرياضيات سلاح الانسان لمواجهة الحياة.

         Mathematics is the weapon of man to face life
    
   نزار كاظم ابو نرجس
الاستاذ المساعد في جامعة ميسان كلية التربية الاساسية / قسم الرياضيات
Nizar Kazem Abu Narges


Assistant Professor at Maysan University College of Basic Education / Department of Mathematics



بلا رياضيات، عقولنا معطلة ...


تُعد الرياضيات مفتاح العقل البشري والعنصر الخلاق في حياة الإنسان. فبها وعن طريقها تقدمت الحياة ولا زالت تتقدم وهي عنصر حاكم في الاقتصاد العالمي وليس المكان مناسب لسرد اهميتها في هذا التقدم باختصار كل ما لدينا من الرياضيات.
  ولاشك ان علم الرياضيات هو من اهم الدعائم الاساسية لأي تقدم علمي وتقني وتعلم وتعليم الرياضيات المعاصرة او الحديثة. اصبح ضرورة من ضروريات عصر ثورة المعلومات والتكنولوجيا. حيث ان كل الاختراعات من سفن فضائية وسيارات وقطارات وحاسبات وصواريخ تحكمها في الغلب قوانين الرياضيات.

 ومن الامانة على رجال التعليم ان يتكلموا بالحق فيما يخص العملية التعليمية. فمن خلال تجربتي التدريسية لمقررات الرياضيات ودروسها المختلفة، نلاحظ ان عدداً من الطلاب الذين يدرسون الرياضيات قد يكون عنده رهبة او كراهية لفروع الرياضيات المختلفة. وفي الحقيقة هذا احساس لدى معظم الطلاب وقد كان لزاماً على المختصين ان يتم طرح هذه القضية مع اعطاء بعض الآراء والاسباب المتعلقة بذلك. فهناك مجموعة كبيرة من الطلاب لديهم احباط تجاه الرياضيات ويتملكهم احساس دائم بان تعليم الرياضيات بالنسبة لهم يبدو ميؤوساً منه. 

حيث انهم لا يدركون فائدة كبيرة للرياضيات وعندهم اعتقاد منذ الصغر بان الرياضيات صعبة ولا فائدة لها في الحياة. ومن ثم فهو يعبر عن كرهه وعدم اهتمامه بها في الكبر وتوجد مجموعة اخرى من الطلاب لديهم درجات عالية في رياضيات المرحلة الثانوية. ولا تعكس هذه الدرجات مستواهم الحقيقي مع انهم يفتقرون الى القدرة على ادراك المفاهيم والاساسيات عندما يتم تقديمهما وشرحها بطريقة الرموز. ومنهم من يفهم الافكار الرياضية والعلاقات ولكنهم يعجزون عن تطبيقها في مسائل مختلفة. وغير قادرين على تنفيذ خوارزمية حل مسألة او تكوين برهان لنظرية بسيطة. 

ويوجد ايضاً تدني في مستوى بعض الطلاب في اساسيات الرياضيات البسيطة من جمع وطرح وقسمة للكسور بانواعها.

 بالاضافة لدى الطلاب شعور بعدم ارتباط مقررات الرياضيات الجامعية بمقررات التعليم العام. وهذا يتضح من صعوبة التعامل مع الرموز واختلاط المفاهيم القديمة والحديثة. وكلنا يعلم ان العملية التعليمية مقرر وطالب ومعلم. فهناك قصور في مقررات الرياضيات السابقة حيث يتم الانتقال من دراسة مقرر الى اخر بطريقة عشوائية. 
وليس هناك برهان كاف في الانتقال من مقرر الى اخر وتقدم بعض القواعد دون تبرير او دليل لفهم تلك القواعد. وعدم تطوير هذه المقررات بما يواكب العصر وخلوها من مفاهيم القضايا المعاصرة وعدم ارتباطها بواقع الحياة اليومية والمجتمع. 

وعدم وجود برنامج تدريبي ثابت ومحكم في الكليات المختصة بالتربية والتعليم يذكر الطلاب بأساسيات الرياضيات السابقة فادى هذا الى وجود سلبية وجمود في فهم الرياضيات.

 والمشكلة الرئيسية في تدريس الرياضيات هي اسلوب التدريس ودور معلم الرياضيات وهو حجر الزاوية والاساس في فهم وغرس حب الرياضيات. 
ومن هنا تأتي الفلسفة التي يتبعها معلم الرياضيات ويستخدمها لتنفيذ برنامجه التدريسي بغض النظر عن التعليمات والروتين. فهناك من المعلمين من ذوي الخبرة تنقصهم الابتكارية ويتسمون بتمسكهم الشديد باللوائح والقوانين. 
وينتهي من مفردات المقرر باي طريقة دون التأكد من معرفة الطلاب بالمفاهيم السابقة والتطبيقات المتصلة بها ويقوم بإعطاء مفاهيم جديدة ويتعجل في اجراء التطبيق. 

وهناك نقطة في غاية الاهمية وهي عدم المام بعض معلمي الرياضيات بتطور الفكر الرياضي وافتقاره الى الخلفية التاريخية. وعدم المامه بمواضيع الانطلاق في الفكر الرياضي التي اسهمت ولازالت تسهم في بناء الحضارات. ويقوم بإعطاء التعاريف والنظريات والقواعد جافة دون معرفته التاريخ والمناسبة التي قدمت فيها هذه النظرية او القاعدة.

  وعلاج هذه السلبيات يتلخص من النقاط التالية: ـ يجب على معلم الرياضيات ان يكون ملماً بأسس واساليب وفلسفة طرق تدريس الرياضيات. حيث نجد ان المعلم يركز في تدريس الرياضيات على الناحية النظرية اكثر من الناحية التطبيقية في الرياضيات. وهذا يجعل ابنائنا لا يسمعون للمعلم وينصرفون عنه بعقولهم فلابد من وجود برنامج يهتم بالجانب العملي لمقررات الرياضيات. وهذا البرنامج يركز على ان يقوم طلاب المراحل الابتدائية والمتوسطة باكتشاف الحقائق والتوصل الى قواعد ونظريات قابلة للتطبيق. ويعطي للطالب الثقة بالنفس. 

ولابد من عقد ورش ودورات ومحاضرات عامة في المدارس والمؤسسات التعليمية وتكون محاورها عن اهمية الرياضيات وتطبيقاتها في حياتنا. وتوعية اولياء الامور بعدم تخويف اولادهم في الصغر من صعوبة الرياضيات والمساهمة في غرس حب الرياضيات. واخرى بعرض انجازات علماء الرياضيات عامة وعلماء العرب والمسلمين خاصة وعرض اساليب وطرق الحل لديهم وعرض بعض القصص الرياضية الطريفة. 

بالاضافة الى عمل دوريات خاصة بالمدارس والمؤسسات التعليمية تتناول اهمية الرياضيات وتطبيقاتها في علوم المعرفة الأخرى. وتطورها من خلال عرض تاريخ الرياضيات وذلك لتنمية ميول التلاميذ نحو دراسة وحب الرياضيات. وتقوم ايضاً هذه الدوريات بعرض اهم القضايا والمشاكل الرياضية وعرض القواعد والنظريات والقوانين القديمة الموجودة في المخطوطات العربية والإسلامية. مثل قوانين (الكرخي- الكاشي- الخوارزمي-ثابت بن قرة) وعرض كيفية التعامل مع الرياضيات. وتكوين جمعيات خاصة للرياضيات عناصرها طلاب ومعلمون واولياء امور تكون هي المسؤولة عن عقد المحاضرات والندوات واعداد الدوريات. وتخصيص حصة اسبوعية على الاقل في المدارس للقراءة في كتب الرياضيات المختلفة حيث يقوم المعلمون بتوجيه طلابهم نحو القراءة الصحيحة للرياضيات.

اما بالنسبة لطلاب الكليات لابد من تخصيص عدد من الساعات تدخل ضمن المقررات المطلوبة. وذلك لمراجعة المفاهيم والاساسيات والتأكد من هضمها جيدا قبل البدء في مقررات الكلية الأساسية. اي وجود برنامج تدريبي ثابت في الكليات يذكر الطالب بأساسيات الرياضيات القديمة والحديثة.

وكما هو معروف يتناقل بين الجميع افراداً ومؤسسات، الكل من المختصين والاكاديميين، معلمي الرياضيات، اولياء الامور، وحتى بسطاء الناس. ان مستوى ابناءهم في الرياضيات ضعيف ادنى من الحد المقبول، ولا يستطيعون حل المسائل الرياضيات. وليس لها اثر بحياتهم او افعالهم ... الخ، حقيقة يسلم بها الجميع. 


وهذا نتيجة منطقية فالأعداد الكثيرة والصفوف المزدحمة وقلة الكوادر وعدم تأهليها بطريقة صحيحة. والتدريب المهني الذي لا يغني ولا يسمن من جوع ونظام الامتحانات القائمة على الحفظ والتلقين. واساليب المعلمين المنفرة للمتعلمين، وادارة المدرسة والاشراف التربوي دورهما الاداري فقط وغيرها.
ففي العراق هذا حال تعليمنا بصورة عامة وتعليم الرياضيات بصورة خاصة، وبات مسلمة وسياق عمل في كل مؤسساتنا التربوية. فالمنصف والمتتبع هنا يرى ذلك معطوفاً على سياساتنا التربوية التي تتبعها دولتنا متمثلة بوزارتي التربية والتعليم (مع العلم اغلب البلدان لها وزارة واحدة مختصة بالتربية والتعليم كما ان انتاجهم وامكانياتهم افضل بكثير منا). الا ان تلك السياسيات لم يكن لها نتاج حقيقي وهذا بدليل ما تقوم به الوزارتين من اعمال وافعال تنافي القوانين التي وضعت وشرعت. والتي من المفترض ان تنهض بالتعليم ليكون مصنع لثروتنا البشرية، ولا يمكن من خلالها ان نعتقد او نؤمن بان هناك نظام تعليمي راق او رصين. وبالتالي لا نتوقع ان نحصل على عقول بشرية منتجة تواكب ما تفرضه تحديات القرن الواحد والعشرين.

اما فيما يخص الجامعات التي تؤهل الكوادر البشرية لقيادة العملية التعليمية. فإن تدخلات الحكومة والاحزاب السياسية الحاكمة والمتنفذة تصول وتجول في ثناياها وتحكم قبضتها على اصحاب القرار فيها. ومن هنا فهي تنتج (في الغالب) افراد غير مؤهلين مهنياً وينقصهم الطموح والاخلاص للعمل ان وفّر او توفر.

كما ان دور المؤسسة البحثية (لا توجد معالم رسمية لما يُعنى في البحث العلمي التربوي في العراق). والقائم على جهود ذاتية من قبل الباحثين والاكاديميين والمختصين انفسهم، هو الاخير تقليدي غير متجدد وليس له اثار على ارض العملية التربوية لسبب او لأخر!. فبحكم عملي كتدريسي وباحث اكاديمي قد يتفق معي الكثير في رؤيتي هذه.

على الرغم من اهمية الكوادر التعليمية في المؤسسات التربوية وبالأخص الجامعة، فلا ابالغ ان قلت ان سياسية البلد طاردة للعقول والكفاءات. ومهملة للذين لا يريدون البحث عن عمل خارج اسوار الوطن باغين خدمته، فهي تقلد الامور لمن قد لا يملكون العلم والمعرفة او من ينفذون سياسة احزابهم ومرجعياتهم. فكيف يقدرونه، فمتى نخرج من عنق الزجاجة. اليس دور هذه الوزارات ان تجعل هذه الثروة البشرية (المتعلمين). طاقة منتجة وبناءة لتكون قد حققت رسالتها وادت دورها الذي وجدت لأجله. وبالتالي عليهما (اي وزارتي التربية والتعليم العالي كما نحن على اعتاب تشكيل حكومة جديدة !!). اعادة النظر بفلسفتيهما واهدافهما واليات تحقيق تلك الاهداف ولا يتم ذلك حسب وجهة نظري القاصرة الا اذا ابتعدت عن دهاليز السياسة والاحزاب. كون هذه المهمة انسانية اخلاقية تتحكم بمصير ومقدرات المجتمع العراقي ورأس ماله (القدرات البشرية الا وهم المتعلمين).



================== ------- -----

***********************


***********************

هل اعجبك الموضوع :
author-img
استاذ جامعي وباحث اكاديمي ومدون

تعليقات