------ ----- --------- قصص للأولاد والبنات قصص للأولاد والبنات -------

القائمة الرئيسية

الصفحات

=================


قصص للأولاد والبنات

 قصص أطفال جميله معبرة.


قصص أطفال مكتوبة، قصص أطفال جميله، قصص أطفال مكتوبة هادفة.


نرفق لكم بعض القصص التالية:



الصَّيَّادُ وَالْكَنْزُ الْمَوْهُوْمُ

  
قصص للأولاد والبنات


ــــ اسْحَبْ.. اسْحَبْ.. لاَ تَتَوَقَّفِ الآنَ.. اسْحَبْ بِقُوَةٍ.. بِقُوَةٍ.. يَبْدُوْ ثَقِيْلاً ثَقِيْلاً..
* لَقَدْ تَعِبْتُ.. أَشْعُرُ أَنَّ قُوَايَ قَدْ خَارَتْ تَمَاماً.
ــــ أَقْسَمْتُ أَنَّنِي لَنْ أَبْرَحَ الْمَكَانَ حَتَّى أَفُوْزُ بِهَذا الْصَّيْدِ الثَّمِيْنِ.
* وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهُ صَيْدٌ ثَمِيْنٌ؟!.
ــــ أَنَا مُتَأَكِّدٌ مِنْ ذَلِكْ..
* مُتَأَكِّدٌ.. مُتَأَكِّدٌ.. كَلاَمٌ فَارِغٌ.. قَدْ تَكُونُ الصِّنَّارَةُ عَالِقَةً بِصَخْرَةٍ فِي قَاعِ البَحْرِ.
ــــ أُرِيْدُ أَنْ أَكْتَشِفَ بِمَاذَا عَلِقَتْ!.
* هَيَّا بِنَا نَعُودُ إِلى الشَّاطِىءْ.. اِرْمِ خَشَبَةَ الصِّنَّارَةِ أَو اقْطَعِ الْحَبْلَ.
إقْتَرَبَ اللَّيْلُ.. أَخْشَى هُبُوْبَ الْعَاصِفَةِ الَّتِي حَذَّرَتْنَا مِنْهَا نَشْرَةُ الْأَرْصَادِ الْجَوِّيَّةِ..
ــــ أَنْتَ جَبَانٌ جَبَانٌ.. تُصَدِّقُ مَا يَقُولُونْ.. تَأَمَّلِ الْوَاقِعَ الَّذِي نَحْنُ فِيْهِ.. سَنَفُوزُ بِثَرْوَةٍ كَبِيْرَةٍ، أَعْتَقِدُ أَنَّ الصِّنَّارَةَ قَدْ عَلِقَتْ بِصُنْدُوْقٍ مَلِيءٍ بِالْذَّهَبِ.
* خَيَالُكَ وَاسِعٌ.. أَوْسَعُ مِنْ هَذا البَّحْرِ.. كَفَاكَ أَحْلاَماً.
أَعْتَقِدُ أَنَّها لَيْسَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِطْعَةٍ خَشَبِيَّةٍ ضَخْمَةٍ، أَو مَرْسَاةٍ مُتَآكِلَةٍ صَدِئَةٍ. تَخَلَّصَتْ مِنْهَا إِحْدَى الْسُّفُنُ العَابِرَةُ.. اسْحَبْ وَلاَ تَتَكَلَّمْ.. اسْحَبْ بِقُوَّةٍ.
* لاَ شَيءَ يَتَحَرَّكُ.. يَكَادُ الْمَرْكِبُ يَغُوصُ فِي الْمَاءِ.. لَيْسَ لَدَيْنَا أَمَلٌ.
ــــ سَأَضْرِبُكَ ضَرْبَةً قَاسِيَةً لَوْ تَفَوَّهْتَ بِمِثْلِ هَذا الْكَلاَمِ مَرَّةً ثانِيَةً.
يَهْتَزُّ الْمَرْكِبُ بِقُوَّةٍ.. يَغُوْصُ حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إِلى دَاخِلِ الُمَرْكِبِ ثُمَّ يَرْتَفِعُ بِقُوَّةٍ.. رِيْحٌ بارِدَةٌ تَضْرِبُ وَجْهَيْهِمَا.
* أَرْجُوكْ.. لِنَتَوَقَّفِ الآنَ.. أَعِدُكَ أَنْ نَعُوْدَ غَداً بَعْدَ أَنْ تَهْدَأَ الْعَاصِفَةُ.. لَنْ نَتَمَكَّنَ مِنَ الصُّمُوْدِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكْ.
ــــ قَدْ يَأْتِيَ أَحَدٌ وَيَأْخُذَ الْكَنْزَ.
* كَنْزٌ.. كَنْزٌ!! إنَّهُ وَهْمٌ فِي رَأْسِكْ.. الْطَّمَعُ أَعْمَى عَيْنَيْكَ.. سَنَمُوْتُ مِنْ أَجْلِ لاَ شَيْء..
ــــ لَنْ أَتَوَقَّفَ الآنَ.. أَعْطِنِي أُنْبُوْبَةَ الْهَوَاءِ.. سَأَغُوْصُ فِي الْمَاءِ بِنَفْسِي.
* لا تَتَهَوَّرْ.. سَوْفَ تُؤْذِي نَفْسَكَ.. تُوْجَدُ تَيَّارَاتٌ قَوِيَّةٌ.. قَدْ تُوَاجِهُ أَسْمَاكَاً شَرِسَةً فِي هَذَا الْمَكَانِ.. أَرْجُوْكَ تَوَقَّفْ.
ــــ ابْتَعِدْ عَنْ طَرِيْقِي.. أَنَا أَقْوَى مِنْكَ.. سَوْفَ أَرْمِيْكَ فِي الْمَاءِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ.. ابْتَعِدْ.
* الْمَاءُ بَارِدٌ.. بارِدٌ.. الْضَّوْءُ اليَدَوِيُّ لَنْ يُسَاعِدَكَ لِلْغَوْصِ... الظَّلاَمُ شَدِيْدٌ.. لِنَنْتَظِرْ حَتَّى الغَدْ.
ــــ أَقْسَمْتُ أَلاّ أَعُوْدَ حَتَّى أَحْظَى بِالْثَّرْوَةِ الَّتِي تَنْتَظِرُنِي.
* إِنَّكَ تَحْلُمُ.. فَقَدْتَ صَوَابَكَ..
ــــ أَيُّها الْكَنْزُ.. أنا آتٍ إِلَيْكَ.
* تَوَقَّفْ.. تَوَقَّفْ.. أَرْجُوْكْ...
ــــ ابْتَعِدْ يا جَبَانُ.
* أَيُّهَا الْمَجْنُوْنُ.. مَاذَا تَفْعَلُ؟! سَتَأْكُلُكَ الأَسْمَاكُ الْمُفْتَرِسَةُ.
ــــ انْتَظِرْنِي.. سَأَعُوْدُ إِلَيْكَ مُحَمَّلاً بِالْذَّهَبِ وَالْيَاقُوتِ..
* فَقَدَ عَقْلَهُ.. مَاذَا أَفْعَلُ الآنَ؟!.

* مَضَتْ عَشْرُ دَقَائِقْ.. الْوَضْعُ خَطِيْرٌ.. أَظْلَمَتِ السَّمَاءُ.. لِأَتَّصِلَ بِرِجَالِ الإِنْقَاذِ..
* نَحْنُ فِي خَطَرٍ.. أَنْقِذُونَا.

فِي دَقَائِقَ مَعْدُودَة وَصَلَ مَرْكِبٌ سَرِيْعٌ مَلِيءٌ بِرِجَالِ الغَوْصِ الأَشِدّاءِ..
غَطَسُوْا فِي مَكَانٍ أَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ.
الْغُيُوْمُ تَشْتَدُّ كَثَافَةً..
- يا رَبُّ.. يا رَبُّ..
حَاوَلَ رِجَالُ الإِنْقَاذِ تَهْدِئَتَهُ رَيْثَمَا يَنْتَهِي الغَوَّاصُونَ ويَعُودُونَ مِنْ قَاعِ الْبَحْرِ.
يَصِلُ الغَوّاصُوْنَ إِلى الرَّجُلِ، يَجِدُوْنَهُ عَالِقاً تَحْتَ صَخْرَةٍ كَبِيْرَةٍ حَاوَلَ التَّسَلُّلَ تَحْتَها.. رَفَعُوا الصَّخْرَةَ.. سَحَبُوهُ.. حَبْلُ الصِّنَّارَةِ كانَ مَلْفُوفاً حَوْلَ سَاعِدِهِ.. الصِّنَّارَةُ كَانَتْ عَالِقَةً بِحَشَائِشَ صَخْرِيَّة مُتَشَابِكَة.
حَمَلَهُ رِجَالُ الإِنْقَاذِ، نَقَلُوهُ إِلى الْمَرْكِبِ بِسُرْعَة.. أَسْعَفُوْهُ بِتَنَفُّسٍ إِصْطِنَاعِيٍّ.. اسْتَخْرَجُوا مِنْ رِئَتَيْهِ كَمِّيَّةً كَبِيْرَةً مِنَ الْمَاءِ.
حَمَلُوْهُ عَلَى ظَهْرِ مَرْكِبِ الإِنْقَاذِ السَّرِيْعِ إِلى الشَّاطِىءِ وَمِنْهُ إِلى الْمُسْتَشْفَى..
فِي الْيَوْمِ التَّالِي.
- كِدْتَ تُصْبِحُ كَنْزَاً لِلأَسْمَاكِ الْمُفْتَرِسَةِ..
ــــ لا تَسْخَرْ مِنِّي..
- مَاذَا حَدَثَ لِعَقْلِكَ؟!
ــــ أَعْمَانِي الطَّمَعُ؟!.
 حَمْداً لِلَّهِ أَنَّكَ عَرَفْتَ ذَلِكَ بِنَفْسِكَ.. ما رَأْيُكَ أَنْ نَعُودَ لِنَبْحَثَ عَنِ الْكَنْزِ مَرَّةً ثَانِيَةً؟!
ــــ لَنْ أُكَرِّرَ ذَلِكَ بَعْدَ الْيَوْمِ.. لَنْ أَتْرُكَ الْطَّمَعَ يُسَيْطِرُ عَلَى عَقْلِي مَهْمَا كَانَتِ الْظُّرُوفُ..
* يا لَكَ مِنْ جَبَانٍ.
ــــ كَفَاكَ سُخْرِيَةً..
* لَنْ أُخَاطِرَ مَرَّةً ثَانِيَةً..  هَلْ تَظُنُّ أَنَّنِي سَأُصَدِّقُ ذَلِكَ بِبَسَاطَةٍ؟! إِنَّهَا رُوْحِي يا أَخِي.. أَثْمَنُ مِنْ كُلِّ الْكُنُوزِ الَّتِي تَتَرَاءَى فِي عَقْلِكَ..
ــــ سَأُثْبِتُ لَكَ أَنَّنِي تَغَيّرْتُ.
* إِنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ فَتِلْكَ مُصِيْبَةٌ كَبِيْرَةٌ..
ــــ تَغَيَّرْتُ.. تَغَيَّرْتُ..
* وَمَعْ ذَلِكَ لَنْ أَجْرُؤَ عَلَى الذَّهَابِ مَعَكَ لِوَحْدِنَا فِي رِحْلَةِ صَيْدٍ بَحْرِيَّةٍ..
ــــ أَخْشَى أَنَّ كُلَّ أَصْدِقَائِي سَيَخْشُوْنَ مِنِّي مِثْلَكَ بَعْدَ الَّذِي حَدَثْ؟.
* لَوْ لَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ أَنَّكَ طَيِّبُ الْقَلْبِ لَمَا رَأَيْتَ وَجْهِي بَعْدَ الآنْ..
ــــ أَرْجُوكَ سَامِحْنِي..
* سَامَحْتُكَ دُوْنَ أَنْ تَقُولْ، وَمَعْ ذَلِكَ لَنْ نَذْهَبَ لِوَحْدِنَا فِي رِحْلَةِ صَيْدٍ مَهْمَا كَانَتِ الْظُّرُوْفُ.. أَخْشَى أَنْ تَفْقِدَ عَقْلَكَ مَرَّةً ثَانِيَةً.




الْمُفَكِّرُ الصَّغِيْرُ


قصص للأولاد والبنات



قَرَّرَ نِضَالُ أَنْ يَكُونَ مُخْتَلِفاً عَنِ الآخَريْنَ.. لا يُرِيْدُ أَنْ يَكُونَ مُجَرَّدَ شابٍ صغيرٍ تَقْتَصِرُ حَيَاتُهُ عَلَى الْمَدْرَسَةِ واللَّعِبِ ومُشَاهَدَةِ التليفزيون..
عَقَدَ العَزْمَ على أَنْ يُبْدِعَ في شَيْءٍ ما مُمَيَّزٍ.
قضى نضالُ وَقْتاً طَوِيلاً.. يُفَكِّرُ ويُفَكِّرُ فيمَا يُمْكِنُ أَنْ يَفْعَلَ؟
سَأَلَ والدَهُ وأُمَّهُ.. أَخْبَرَهُمَا عَنْ رَعْبَتِهِ.
قالاَ لَهُ إنَّ هذا التَّفْكِيْرُ شَيْءٌ رائِعٌ.. وإنَّهما يُؤَيِّدَانَهِ لَكِنْ بِشَرْطٍ واحِدٍ: أَلاَّ يَكُوْنَ تَفْكِيْرُهُ على حِسَابِ دِرَاسَتِهِ وتَفَوُّقِهِ في المَدْرَسَةِ.
وَعَدَهُما نِضَالُ أَنْ يُفَكِّرَ بِعَمَلِ شَيْءٍ بَعْدَ وَقْتِ الدِّرَاسَةِ..
طَلَبَ مِنْ والدِهِ أنْ يُشْرِكَهُ في دَوْرِةِ خاصّةٍ بالكُمْبيوتِر.. وتَحْديداً في برامِجِ الإنْتِرْنِتْ..
صارَ نِضَالُ يَذْهَبُ كُلَّ يَوْمٍ مَسَاءً إلى نادٍ مُتَخَصِّصٍ بالإنْتِرْنِتْ.
تَعَلَّمَ أَنْ يُنْشِىءَ مَوْقِعاً خَاصًّا..
كانَ لِنضَالِ حَصَّالَةً يَجْمَعُ فِيْهَا جُزْءاً مِنْ مَصْرُوفِهِ اليَوْمِيّ.
سَأَلَ عَنْ قِيْمَة اسْتِئْجَارِ مَوْقِعٍ على الإِنْتِرْنِتْ.. لَمْ يَكْفِ الْمَبْلَغَ الَّذِي مَعَهُ.. عَرَضَ الفِكْرَةَ على أمِّهِ وأَبِيْهِ، وطَلَبَ مُسَاعَدَتَهُمَا.
وَافَقَ أَبُوهُ ووَافَقَتْ أُمُّهُ.. وأطْلَقَ نِضَالُ مَوْقِعَهُ تَحْتَ عُنْوَانْ (هُنَا الْمُفَكِّرُ الصَّغِيْرُ).. وأعْلَنَ عَنِ الْمَوْقِعِ دَاخِلَ الْمَدْرَسَةِ.
فَرِحَتْ إِدَارَةُ الْمَدْرَسَةِ بِإِنْجَازِ نِضَال الْمُتَمَيِّزِ.. وَمَنَحَتْهُ جَائِزَةُ الطَّالِبِ الْمُتَفَوِّقِ..
وعَرَضَتْ عَلَيْهِ مُسَاعَدَتَهُ في الْمَوْقِعِ وزِيادَةِ حَجْمِ اسْتِيعَابِهِ لِيَشْتَرِكَ بِهِ كُلُّ طُلاَّبِ الْمَدْرَسَةِ وَيَظَلُّ هُوَ مُدِيْرُ الْمَوْقِعِ وصَاحِبُهُ الرَّئِيسِي.. أَصْبَحَ نضالُ «مُدِيْرَاً».
الْكُلُّ في الْمَدْرَسَةِ يَعْرِفُهُ..
لَكِنَّهُ ظَلَّ وَفِيًّا لِوَعْدِهِ.. ظَلَّ مُتَفَوِّقاً في دِرَاسَتِهِ.. ولَمْ يَكُنْ تَفْكِيْرُهُ عَلَى حِسَابِ دِرَاسَتِهِ..
الْيَوْمَ كَبُرَ نِضَالُ.. أَصْبَحَ «مُدِيراً» لِشَرِكَةِ كُمبيوتِرْ.. وأَصْبَحَ مُفَكِّراً كَبِيْراً.




العمّ صالِحْ 


قصص للأولاد والبنات


نَادِرَاً ما كنَّا نَرَى العمّ صالِح ــــ صَاحِبُ الْمَتْجَرِ المُقَابِلِ لِمَدْرَسَتِنَا القَدِيْمَة ــــ ضَاحِكاً أَوْ عَلَى الأَقَلّ مُبْتَسِماً، كانَ على الدَّوَامِ مُكَشِّراً، ويَزِيْدُ مِنْ جَهَامَتِهِ أَخَادِيْدُ الزَّمَنِ المَحْفُورَةِ كَأَخَادِيْدٍ في الصَّخْرِ.
البَشْرَةُ السَّمْرَاءُ التي أَدْكَنَتْهَا الشَّمْسُ، وصَبَغَتْهَا بِلَوْنٍ قَاتِمٍ، إضَافَةً إلى صَرَامَةِ العمِّ صَالِح وتَكْشِيْرَتِهِ المُعْتَادَةِ، جَعَلَنَا ونَحْنُ طلاَّباً صِغَاراً نَخْشَىْ الاقْتِرَابَ مِنَ المَتْجَرِ، وحتَّى أَنْنَا نَبْتَعِدُ عَنْ مَدْخَلِ الْمَحَلِّ، ونَسِيْرُ عَلَى الرَّصِيْفِ المُقَابِلِ لِنَتَحَاشَىْ مُقَابَلَةَ العمِّ صالح وَجْهاً لِوَجْهٍ.

 

ولَوْلاَ بَعْضُ الزَّبَائِنِ الَّذِيْنَ يُدَاوِمُونَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ لأَقْفَلَ العمُّ صالِح مَتْجَرَهُ الصَّغِيْرُ..
وكُنّا نَعْجَبُ كَيْفَ لا يَسْتَغِلُّ هَذا الرَّجُلُ وُجُودَ مَتْجَرِهِ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْ مَدْرَسَتِنَا لِيَمْلأَ الْمَتْجَرَ بِبَضَائِعَ يَهْوَاهَا التَّلاَمِيْذُ في مِثْلِ سِنِّنا، وَكَيْفَ أنَّهُ لا يَقُوْمُ بِعَرْضِ ما يَجْذِبُنَا إلى المَحَلِّ، وتَغْيِيْرِ هَذِهِ التَكْشِيْرَةِ، وَتَبْدِيلِها بِابْتِسَامَةٍ عَرِيْضَةٍ.
وَبَدَا لِي أنَّ العمَّ صالح لم يَكُنْ مُهْتَمًّا بِالْبَيْعِ والمُتَاجَرَةِ، كَأَنَّهُ يُرِيْدُ قَضَاءَ يَوْمِهِ وَيَرْحَلْ..
عِشْنَا مَعَ العمّ صالح طُفُوْلَةً طَوِيْلَةً، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ تَلاَمِيْذِ المَدْرَسَةِ يَدْخُلُ مَتْجَرَهُ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُنْفِعُهُ بِقِرْشٍ وَاحِدٍ.
أَصْبَحَ العمّ صالح بِالْنِّسْبَةِ لُغْزاً.. نَخْشَى الاقْتِرَابَ مِنْهُ، وَلَوْ كُنّا بِحَاجَةٍ إِلى زُجَاجَةِ مَاءٍ نَشْتَرِيْها مِنْ مَحَلِّهِ في يَوْمٍ شَدِيْد الحَرِّ، بَلْ نُفَضِّلُ تَحَمُّلَ العَطَشِ عَلَى تَحَمُّلِ نَظَرَاتِهِ الحَادَّةِ وتَكْشِيْرَتِهِ الرَّهِيْبَةِ.
لم نَكُنْ نَدْرِي أَبَداً ما سِرُّ العمّ صالح، ولماذا هُوَ دَائِمُ التَّكْشِيْرِ؟، ولِمَاذَا يُصِرُّ عَلَى مُجَافَاةِ تَلاَمِيْذِ الْمَدْرَسَةِ الَّذِيْنَ قَدْ يَعْتَبِرُهُمْ أَيُّ صَاحِبِ مَتْجَرٍ آخَرَ ثَرْوَةً يَجِبُ عَدَمُ التَّفْرِيْطِ بِهَا.
شَعَرْتُ أَنَّ عَلَيَّ القِيَامُ بِخُطْوَةٍ تَكْشِفُ كُلَّ أَسْرَارِ العمّ صالح، اعْتَقَدْتُ أَنَّ مَحَلَّهُ قَدْ يَكُوْنُ مَلِيئَاً بِالْأَشْيَاءِ الرَّابِعَةِ الَّتِي يَخْشَى عَلَيْها مِنْ أَوْلاَدٍ شَيَاطِيْنَ مِثْلَنَا، فالْمُشَاغَبَاتُ والْمُشَاحَنَاتُ والأَصْوَاتُ العَالِيَةُ الَّتِي كانَتْ مِنْ مَشَاهِدِنَا اليَوْمِيَّة فَوْرَ خُروجِنَا مِنَ الْمَدْرَسَةِ تَجْعَلُنا مَحَلَّ رَصْدٍ واُجْتِنَابٍ وخَشْيَةٍ.
لَكِنْ.. هَلْ أَسْتَطِيْعُ اقْتِحَامَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَرْتَعِدُ مِنْ مَنْظَرِهِ كُلُّ أَطْفَالُ مَدْرَسَتِي؟!
أنا لَمْ أَكُنْ جَرِيْئاً إِلى هَذَا الحَدِّ في يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ، وَلَسْتُ الآنَ مُدَّعِياً لِهَذَا الشَّرَفِ، وحَتَّى بَعْدَ أَنْ نَاهَزْتُ السِّتِّيْنَ مِنْ عُمْرِي ما زِلْتُ أَخْشَى العَمِّ الصالِحِ وأَمْثَالِهِ.. وحتَّى عِنْدَمَا كَبُرْتُ لَمْ أَجْرُؤْ عَلَى الاقْتِرَابِ مِنْ مَتْجَرِ العَمّ صالح.
كُنْتُ أُرَاقِبُ العمَّ صالِح يَوْمِيًّا.. أَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَدْرَسَةِ، وَمِنَ الشَّارِعِ، مِنْ نَافِذَةِ الفَصْل..
عِشْتُ سِنيناً أُطَالِعُ حَيَاةَ هَذا الرَّجُلِ، لَكِنِّي لَمْ أَلْحَظْ شَيْئاً غَيْرَ اُعْتِيَادِي.
كانَ يَضَعَ دَائِماً، كُرْسِيًّا خَشَبِيًّا قَدِيْمَاً جِدًّا عَلَى مَدْخَلِ مَحَلِّهِ. وَيَجْلِسُ وَاضِعَاً سَاقاً على سَاقٍ.. عَيْنَاهُ تَنْظُرانِ إلى لاَ شَيْء.. لا تَرَاهُ يُرَاقِبُ شَيْئاً مُعَيَّناً، سَارِحٌ بِبَصَرِهِ نَحْوَ الْمَجْهُولِ.
عَاشَ العَمّ صالح لُغْزاً مُحَيِّراً وَمُرْعِباً.. واليَوْمَ أَبْنَائِي الصِّغَارُ في مَدْرَسَتِي القَدِيْمَةِ نَفْسِها يَخْشَوْنَ العَمّ صالِح العَجُوزَ.. واللُّغْزُ لا يَزَالُ مُحَيِّراً.



الصَّبِيُّ المُشَاكِسُ الْمُعَاكِسُ


قصص للأولاد والبنات



ماضي صَبِيٌّ صَغيرٌ لا يحبُّ أَنْ يُمْلِيَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ما الَّذي يَجِبُّ أَنْ يفعلهُ.
إذا قالتْ لَهُ أُمُّهُ تعالَ لِتَدْرُسَ.. ذَهَبَ وجلسَ أمامَ التلفزيون.. وإذا قالَ لهُ أبوهُ اخْفِضْ صوتَ التلفزيون رَفَعَ الصوتَ عالياً.
وإذا قالتْ لهُ المدرِّسةُ أريدُ وظيفتكَ غداً فلا يقومُ بها.. وإذا طلبَ منهُ أيُّ إنسانٍ طلباً ما كانَ يعاكِسُهُ ويشاكِسُهُ.. فهوَ لا يحبُّ أنْ يقولَ لهُ أحدٌ افْعَلْ أَوْ لا تفعلْ.
وكانَ يُجريْ صِراعاً دَائماً مَعَ أبيهِ وأمّهِ ومدرِّسيه.. لَكِنَّهُ يَبْقى مُصِرًّا مهما كانتْ العُقُوباتُ أو المُغْرَياتُ.. ولذلكَ كانوا يتجنّبونَهُ وَالجَمِيْعُ مِنْ حَوْلِهِ يَتَنَبَّهُ لِهَذا الأَمْرِ عندَ الحديثِ مَعَهُ.
وظلَّ ماضي على هذهِ الحالُ لا يُحِبُّ أَنْ يَأْمُرُهُ أَحَدٌ بشيءٍ.
وفي يومٍ فيما كانَ عائداً مِنَ المَدْرَسَةِ.. رأى لَوْحةً تقولُ «رجاءً.. لا تمشِ على هذا الرَّصِيفِ»..
نَظَرَ ماضي إلى اللَّوحةِ بِغَضَبٍ.. فهوَ لا يُحِبُّ الأوامرَ.
وسارَ وَسَطَ الرَّصيفِ مُتَحَدِّياً.. صاحَ بهِ رجلٌ مِنْ أَعْلى البِنَاء المجاورِ.. ابْتَعِدْ يا صَبِيّ.. ابْتَعِدْ عنِ الرصيفِ.. لكنَّهُ أصرَّ على السيرِ وإذْ بِكَمِّيةٍ مِنَ الأَلْوَانِ تَسْقُطُ عَلَيْهِ ويُصْبِحُ شَكْلُهُ مُضْحِكاً.. فَقَدْ كانَ هُنَالِكَ رِجَالٌ يَطْلُونَ البِنَاءَ مِنَ الخَارِجِ بِأَلْوَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ.
وَشَاهَدَهُ المَارُّونَ بِهَذا المَنْظَرِ ورَاحُوا يَضْحَكُوْنَ وَيَضْحَكُونَ..
عادَ ماضي إلى بَيْتِهِ على هَذِهِ الحالِ.. وأدركَ عاقِبةَ مَنْ لا يَسْتَمِعُ للآخرينَ.. وقالَ في نفسِهِ ما أَدْراني.. ربَّما في المرَّةِ القادِمةِ تَقَعُ عَليَّ حِجَارَةٌ ثَقِيلَةٌ.
ولمْ يَعُدْ ماضي يَفْعَلُ عَكْسَ ما يُقَالُ لَهُ مَرَّةً ثانِيَةً.




قصة قصيرة للأطفال
تأليف د. طارق البكري



================== ------- -----

***********************


***********************

هل اعجبك الموضوع :
author-img
استاذ جامعي وباحث اكاديمي ومدون

تعليقات