------ ----- --------- ­ العولمة التربوية وتحدياتها-عولمة التربية ­ العولمة التربوية وتحدياتها-عولمة التربية -------

القائمة الرئيسية

الصفحات

=================




­ العولمة التربوية وتحدياتها-عولمة التربية


          
­ العولمة التربوية وتحدياتها-عولمة التربية






 نحاول هنا بيان دور التربية في مواجهة تحديات العولمة. او التطرق لتأثير العولمة على التربية والتعليم. من خلال معرفة دور العولمة وتأثيرها في التربية بصورة عامة والتربية العربية بصورة خاصة.

في حديثا هذا نحاول ان نوضح مفهومي التربية والعولمة والعلاقة بينهما وكيفية التأثير المتبادل بينهما. وانعكاسات العولمة على التعليم بكل انواعه.



التربية:

التربية أداة الأمة ووسيلتها لتحقيق خطابها التربوي. الذي يعكس رسالتها وأهدافها وغاياتها، لتكوين أفرادها والحفاظ على تميزها واستمرارها. وذلك عن طريق نقل تراثها الثقافي إلى جانب دورها في مواجهة التحديات الحضارية والتكنولوجية مما يزيد من أعبائها ومسئولياتها.

فالتربية عملية ملازمة للإنسان بدأت في السماء قبل الأرض وهي مستمرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وهي محكومة بالهدى الإلهي والسنة المطهرة. فهي أشمل وأعمق لا تقف عند حدود تربية العقل وتنمية الجسم. لكنها إلى جانب التعليم توجه وتعلم القيم وهي ليست أية قيم بل تلك التي يترتب عليها إعداد الإنسان الصالح للدنيا والآخرة.

فالدور التربوي للمدرسة بناء على ذلك لا يقتصر على المعارف وتنمية المهارات بل هو توجيه للمعارف والمهارات والقدرات والمواهب من أجل تنشئة وتربية الإنسان الرباني. فالتربية تستوعب الحياة كلها وتستمر باستمرارها. وهي عملية واسعة لا تقتصر على المدرسين بل تشمل الآباء والمربين والإعلاميين.

لذلك فدور المدرسة ينطلق من أن دورها هو رسالة تربية وتوجيه وإصلاح. وهو نابع من رسالات الأنبياء عليهم السلام. ويرتجى من وراءها التصحيح لمسار الإنسانية ولحركة الحياة وفقا لمهمة الخلافة عن الله في الأرض من خلال التربية.

ولقد أدت التغيرات الثقافية إلى اختلال في كثير من القيم والمفاهيم الاجتماعية. فبعد أن كان الشباب يتشرب قيمه من قنوات شرعية كالأسرة والمدرسة. أصبح يتشربها من قنوات غربية وأقران السوء. لذلك فالمدرسة ركيزة أساسية في دعم الشخصية التي كونتها الأسرة ودفعت بها إلى ميدان التعليم.

 

كل ذلك يؤكد على أهمية دور المدرسة وصلاحها في التربية والتوجيه والتعليم. فهناك حقيقة لا يمكن إنكارها وهي أنه لا يجري شيء في الإطار المدرسي بدون أن تكون له عواقب وآثار على المجتمع والأمة. 

 

فهدف العملية التربوية:

ما سبق أن هدف العملية التربوية هو تأهيل هذا الإنسان المستخلف للقيام بدوره بكل أبعاده. ضمن المتغيرات المحيطة المفروضة بالعولمة وسرعة ظهور النظريات العلمية التي تتحول إلى أجهزة ومواد، وهيمنة التكنولوجيا على المعرفة وعالم الاتصال.

 

 

العولمة:

لم تحظ ظاهرة معاصرة باهتمام الباحثين كظاهرة العولمة من حيث مفهومها وآثارها. فالعولمة مصطلح حديث ويعود أصل العولمة إلى الكلمة الانجليزية "Global" وتعني عالمي أو دولي أو كروي. أما المصطلح الانجليزي "Globalization" فيترجم إلى الكوكبة أو الكونية أو العولمة.

لكن المتأمل في مفهوم هذا المصطلح يجد أنه يحمل معنى الهيمنة والسيطرة على مقدرات الشعوب (اذا ما اسيء تطبيقها). وعلى ثقافتها وأصالتها فكرياً ونفسياً وتربوياً. بل هو مرادف لمفهوم الأمركة الذي يجسد النموذج البرجماتي النفعي.

فالعولمة ظاهرة مركبة وأيديولوجية قديمة يسعى الغرب من خلالها للسيطرة على العالم وفرض ثقافته. فهي ليست ظاهرة اقتصادية أو سياسية أو تقنية أو معلوماتية فحسب. بل هي ظاهرة تاريخية، وهي ليست ظاهرة جديدة بل قديمة قدم التاريخ عندما كانت تتصدر حضارة ما كباقي الحضارات وتقود العالم.

 

ومن أجواء العولمة تولدت مصطلحات النظام العالم الجديد، والقرية الإلكترونية، واقتصاد السوق، وحرية التجارة والاستثمار والشركات المتعددة الجنسيات، والعرض والطلب، ونهاية التاريخ وصراع الحضارات، وما بعد الحداثة، والهوية الثقافية وغير ذلك.  

وأيًا كان الأمر فالعولمة حقيقة قائمة لا يجوز الهرب منها أو تجاهلها أو الاستسلام لها. وهي من ظواهر العصر المتسارع تحمل في أثنائها الكثير من التحولات. ويتولد عنها تحديات تقليدية وغير تقليدية ناتجة عما تمتلكه من تكنولوجيا اتصال.

وتعتبر العولمة من التحديات المصيرية التي تهدد ثقافة الأمة، لما لها من آثار سلبية ضاغطة ذات أبعاد عمودية وأفقية (عمقاً واتساعاً).


فهي أي العولمة لها ثقافتها وهي ثقافة غير مكتوبة، قيمها مبثوثة عبر الأقمار الصناعية والقنوات الفضائية وعبر أساليب الحياة اليومية. في الطعام والشراب والكساء والمواصلات والهاتف والتلفاز ونظم التعليم وفرص العمل والمعرفة باللغات الأجنبية وطوابير الهجرة على أبواب السفارات الأجنبية للدول الصناعية أي ثقافة التدويل.

أن التأثير سيكون كبيرا وعليه فلا بد من أن تحكم العملية تربوياً. ولا بد من الاهتمام بالتربية أي تربية الجيل القادم فلا خوف من حدوث الضياع لأن الجيل الذي يتربى متماسكاً على أسس حضارية متينة لا يخيفنا مصيره كونه سيتحمل المسئولية من بعدنا. وهذا يحتاج الى تطوير في المناهج التعليمية، كيف يتربى الأطفال في البيوت وكيف يتدربون في المدارس وكيف يتلقون العلم في الجامعات؟.

 

 

العولمة التربوية:

 يقصد بها هيمنة الثقافات الأقوى، على ثقافات ومناهج النظم التربوية الأخرى. لإزالة الفوارق والخصوصيات التي تحكم السلوك والقيم وتؤدي إلى اهتزاز المنظومة القيمية. فقد تشتمل على تحديات العولمة التربوية الا وهي الصعوبات والمشكلات التي تواجه المدرسة في ظل العولمة عند القيام بالدور التربوي المنوط بها. وتسعى المدرسة للتغلب عليها من أجل تحقيق أهدافها ورؤيتها ورسالتها.


 التحديات الخارجية للعولمة التربوية:

 1- التدخلات الخارجية في نظم التربية والتعليم:

منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر تزايدت الهجمة على وطننا العربي متهمة دينه وتقاليده ونظم تعليمه بأنها مصدر للإرهاب. وأنها بيئات تولد نوازع العنف والاعتداء على الغير وأصدرت التقارير والإشارات لتغيير مناهجنا العربية.

 

2- استهداف الهوية الثقافية:

وذلك من خلال التحديات القديمة والمتجددة (التبشير والاستشراق والاستغراب). والتي تتجدد باستمرار في صورها وأثوابها ووسائلها، وما يتولد عنها من تحديات.

 

3- الانبهار والاستلاب الثقافي:

يعتبر التعليم البوابة الأخطر والتربة المستهدفة التي تنبت فيها جذور التسويف على الأمة. يوضح ذلك ما يقوله المستشرق البريطاني (جيب) بأن التعليم أكبر العوامل التي تعمل للاستغراب والحق أنه العامل الوحيد إن فهمنا من كلمة التعليم ما تدل عليه. ولا نستطيع الحكم على مدى الاستغراب في العالم الإسلامي إلا بمقدار دراسة الفكر الغربي والمبادئ النظم الغربية. إن إدخال طرائق جديدة في الفكر في البلاد الإسلامية كان يتطلب نظاما جديدا في التربية من عهد الطفولة والمدارس الابتدائية والثانوية قبل الانتقال إلى الدراسات العليا.

4- الاغراء التربوي بالمنح والمعونات الخارجية:

تمثل المنح والمعونات الخارجية المقدمة للجهات الحكومية أو الأهلية عامل اغراء وجذب وتوجيه مما يجعل كثيرًا من الافراد والجماعات يهتمون بالهجرة والدراسة والعمل.

 

5- استدماج القيم العالمية في مناهج التعليم (التربية الشمولية):

تحاول منظمتا اليونسكو واليونيسيف استدماج القيم العالمية في مناهج التعليم. وترسيخ الأفكار الداعية للنظام العالمي الجديد. في اتجاهين، الأول يتمثل في الجهود لوضع برنامج للشرق الأوسط في مجال التربية الشمولية، والثاني في برنامج للتنمية التربوية لدول حوض البحر المتوسط، والمشروع الأول تحت اسم "Global education".

 

6- الدور الإعلامي المناقض للدور التربوي المدرسي:

الإعلام وسيلة للتعبير والتوجيه، وظيفته التثقيف والتعليم والإرشاد. وتتضح خطورة الإعلام ولاسيما في عصر الفضائيات بتحوله إلى أداة لهدم القيم والنيل من الرموز. فهو إعلام مربٍ وذو رسالة قيمية، وإذا كان غير ذلك فهو خطر على العملية التربوية ذاتها. فإما أن يدعمها ويتكامل معها أو يضادها ويعيقها.

فالإعلام من أشد وسائل التربية خطرا لسهولة تقبله فبدلا من أن يساهم مع المدرسة ويأخذ دوره الحقيقي في بناء الأجيال وغرس القيم الأصيلة. تراه قد ينشئ (بطريقة او اخرى) جيلا فارغا من العقيدة محطم الشخصية مزعزع الثقة بتاريخه وأصالته.

 

7- مادية ثقافة العولمة وخطرها على البناء الروحي:

إن ثقافة العولمة ثقافة مادية او سياسية الاصول لا مجال فيها للروحانيات والعواطف. مما يجعل تحدي المدرسة في هذا المجال هو الحفاظ على ديمومة المجال العقلي والروحي الصحي السليم للطلبة ببث مفاهيم التكافل والتعاطف والتواد والإيثار وكل القيم النبيلة.

 

8- تهديد واكتساح الخصوصية الثقافية عبر الانترنت:

تعد شبكة الإنترنت من أهم وسائل العولمة الثقافية التي تسعى إلى الاكتساح الثقافي وإلى إحلال التبعية لثقافة الغرب محل الأصالة النابعة من عقيدة الأمة وذلك لضعف هذه الامة. فما تنقله من أفكار يمثل حروب أدمغة لا أسلحة، بالإضافة إلى ما تمثله من تحدٍ معلوماتي.

ويعتبر اختراع الانترنت من أهم الاكتشافات البشرية منذ اكتشاف الآلة الطابعة، حيث يتمكن التلاميذ وبضغطة زر واحدة للوصول إلى أي شيء.

ومن أخطار شبكة الإنترنت التي تعد سلاح ذو حدين قد تولد العنف والجريمة وإدمان ازدياد المواقع الإباحية.

 


التحديات الداخلية للعولمة التربوية:

في ظل هيمنة العولمة، تبرز إلى السطح كثير من التحديات الداخلية. وتصبح مواجهتها أكثر إلحاحا وعلى قائمة الأولويات. فالضعف الداخلي ينعكس حتما على قدرة النظام التربوي على المواجهة بفعل الإصابات الداخلية. كما أن جذور العولمة تتمدد في التربة الرخوة للتربية. بالإضافة إلى كون العولمة تكريسًا للأزمات المتلاحقة، لذلك يشكل الاستقرار التربوي القائم على فلسفة واضحة الضمان الحقيقي والطريق الآمن للخروج من متاهات العولمة وهيمنتها.

فهذا مربط الفرس كما يقال فالأنظمة العربية منشغلة بالسياسة والملك واهملت كلي شيء.

ولقد تغير مفهوم التعليم تغيرا جذريا وشاملا في هذه الحقبة الزمنية التي تظللها العولمة. وتسيطر عليها آثار الثورة التكنولوجية والنفوذ الإلكتروني. فالتعليم هو المدخل الفعلي لمواجهة التداعيات السلبية للعولمة وامتلاك رؤية واضحة لبناء إنسان جديد ومتجدد قادر على فهم العولمة ومواجهتها. فنحن أمة في خطر، ولا سبيل لمواجهة العولمة إلا بالتربية التي تعطي إجابات واضحة على معرفة من نحن؟. وما هويتنا، وماذا نريد وما هو الإنسان الذي نسعى إلى إيجاده وإعداده؟.

وأن النظام التربوي يعاني أساسا من أزمة تربوية تختلف حدتها من بلد إلى آخر. منها ما يتعلق بالتعليم وسوق العمل فنحن نتعلم وفقا لطاقة التعليم المتاحة لا وفقا لحاجاتنا الفعلية. وفي ظل فلسفة تربوية تضع حواجز بين المعارف النظرية والمهارات العملية. ومنها عدم تكافؤ فرص التعليم وتعدد مسارات التعليم فهناك ازدواجية تربوية بين تعليم النخبة وتعليم العامة. والعزوف عن مداومة التعليم وسلبية المعلمين.

وأن التعليم في هذا العصر ليس مجرد تنشئة للفرد المسلح بالعلم والقادر على الإنتاج. وإنما هو قضية أمن قومي فالمجتمع الذي تتفشى فيه الأمية ويسوده الجهل يسهل اختراقه والسيطرة عليه. أمية ما يدور حولنا في العالم بعد الانفتاح المعلوماتي والغزو الفكري والثقافي والعقائدي عن طريق شبكة المعلومات الدولية ووسائل الاتصال الحديثة فائقة السرعة. والذي يحمل أفكارا ومبادئ لا تتناسب مع عقائدنا ومبادئنا.

 

مؤثرات العولمة على الأنظمة التربوية:

ويلاحظ أن النظام التعليمي والتربوي في العالم العربي ابتداءً بالحضانة وانتهاءً بالجامعة يرسخ وبإصرار القيم المناقضة لتفتح الملكات والمواهب مما يضعف المناعة أمام تحديات العولمة. وذلك لعدة امور منها:

  

1- افتقاد الفلسفة التربوية الصائبة والمخطط لها:

يؤكد التربويون أن التعليم منذ نشأته وحتى اليوم يفتقد إلى وجود فلسفة تربوية توجهه. فقد ربط نفسه بفلسفات تربوية عشوائية تتأثر بالغرب تارة وبالشرق تارة أخرى. فانعكس ذلك على التعليم من حيث المناهج والأهداف وطرق التدريس والأنشطة التربوية. فجاء قاصرا غير واضح الأهداف والغايات. لذا فقد فشلت معظم تلك المؤسسات التعليمية في إيجاد الأجيال المعاصرة التي يمكن أن تواجه التحدي العالمي الذي فرض عليها. أو تحقق المطالب التاريخية الكبرى لأمتها العربية والإسلامية.

 

2- غياب المعلم القدوة:

ومن التحديات الداخلية الحاجة إلى المعلم الجيد الفاعل القدوة الذي يحمل مهمة التغييرات الجذرية. وإذا كانت الإنجازات العلمية الآن تتم من خلال انتقال كيفي وقفزات جذرية. فإن المعلم التربوي مطالب أكثر من غيره بتحقيق تلك الفجائية الكيفية في ظل التحولات المتسارعة في شتى المجالات.

فالمعلم القدوة حاجة ومطلبا ضروريا كما يشير تقرير (اليونسكو، 1996). الذي يؤكد بأنه قد ترتب على التزايد المطرد لعدد الملتحقين بالمدارس في العالم حشد مكثف للمعلمين. جرى في كثير من الأحيان بموارد مالية محدودة ودون أن يتسنى دائما العثور على المعلمين الأكفاء. وأفضى الافتقار إلى الموارد المالية وإلى الوسائل التعليمية فضلا عن اكتظاظ الصفوف إلى التردي الخطير لظروف عمل المعلمين.

ومن أسباب غياب المعلم الفاعل:

   1- أن إعداده لا تتم فيه عملية التوأمة والتكامل بين الإعداد للمادة الأكاديمية والتأهيل التربوي.

  2- يتم التدريب أثناء الخدمة على شكل محاضرات بدلا من ورش عمل.

  3- عزوف الشباب عن هذه المهنة فالملتحقون بدور إعداد المعلمين من ذوي المؤهلات المنخفضة.

 4- أصبحت مهنة التعليم مهنة من لا مهنة له، لذا يجب أن يكون الإذن أو الترخيص بالتعليم مشروطا بحصول المعلم على عدد من الوحدات الدراسية. ويعطى الترخيص كل مدة زمنية محددة.

وبالنسبة لكفاية برامج التعليم ظلت الكفاية الداخلية والكفاية الخارجية دون المستوى المطلوب عالميا ومحليا لمدة طويلة ملحوظة بنواتج هذا التخلف وانعكاساته على الظاهرات الاجتماعية والخدمات.

ولا تقتصر أهمية المعلم على دوره المباشر في تنمية الإبداع وإنما يتعداه إلى ما يتبنى المعلم من اتجاهات إيجابية نحو الابتكارية. وهذا الأمر يتطلب إعادة النظر في تكوين المعلمين قبل الخدمة وتدريبهم أثناء الخدمة بأن يمتلك المعلم صفات المعلم المبدع. وهي: مرونة شخصيته، والثقة غير المشروطة في قدرات الطالب والإقلال من التقييم والنقد الخارجي، وإشعار الطالب بالأمان وعدم الخوف واستخدام التشجيع والإثابة. وإدراك الفروق الفردية بين المتعلمين وإثراء الموقف التعليمي بالأنشطة الإبداعية، وإظهار قيمة أفكار الطلاب. والإلمام بسمات الطلاب المبدعين، أو تشجيع الطلاب للتعبير عن أفكارهم الشخصية ومشاعرهم الذاتية وامتلاك القدرة على التسامح والبهجة والحرية.

 

3- جمود النظام التعليمي:

لم تعد نظم التقويم الحالية المتمثلة في الامتحانات موائمة لعصر العولمة والمعلوماتية فهي معيقة لاستمرار الفرد في التعلم. وأن قاعدة عمليات التعليم تقوم على أساس معايير جامدة تقليدية تؤدي إلى الغربلة والتصفية بناء على نتائج الامتحانات. وما يترتب عليها من إبعاد الفرد عن فرص التعليم بمجرد قصوره عن بلوغ ما تتطلبه تلك المعايير المعرفية. فليس المقصود من الامتحانات أن تكون مجرد أداة لإبراء الذمة. وإنما وسيلة لتوفير فرص ومستويات لكي يتابع الطالب مسيرة التعليم.

 

4- نقص الميزانيات:

ومن التحديات التي يتطلبها التعليم نقص التمويل المتاح. حيث إن الميزانيات المخصصة للتعليم لا تفي بالاحتياجات. فلا يزال ما ينفق على المتعلم سنويا 130 دولارا تقريبا في رحلة التعليم الأساسي في بعض البلدان العربية. بالمقارنة بما ينفق في اليابان 6960 وفي أمريكا 4764، وفي السعودية 1338 وفي تونس 290 دولارا سنويا.

 

5- نظام الترفيع دون إنجاز أكاديمي:

إن نسب النجاح المرتفعة ليست هي الغرض النهائي من التعليم ولكنها مؤشر من عديد من المؤشرات. فليس الهدف كميا فأسلوب الترفيع الآلي الذي يتبع في مدارسنا العربية والذي بموجبه ينتقل الطالب من صف لآخر. تكون محصلته النهائية طالبا لا يستطيع أن يقرأ قراءة جيدة ولا يكتب كتابة صحيحة.

ففي اليابان يتم الترفيع بناء على التحصيل والإنجاز الأكاديمي أما نحن فقد أخذنا هذا النظام ولم نفهم منه إلا شكله أما مضمونه فقد ترك جانبا.

ولما كان النجاح في الامتحانات يولي أهمية كبرى في كثير من الحالات. يتعين على السلطات التأكد من أن هذه الامتحانات تتيح بصورة مناسبة التحقق من المعارف والقدرات المطلوب من التلاميذ اكتسابها.

 

6- تدني نوعية التعليم:

ومن التحديات التي تواجه المدرسة فالطلب المتزايد على التعليم المدرسي دون إدراج نوعية التعليم المقدم في عداد الأولويات. ومن هنا كان اكتظاظ المدارس واتباع أساليب بالية للتدريس تقوم على الاستظهار والاعتماد على معلمين عاجزين عن التكيف مع أساليب التعليم الحديثة. مثل المشاركة الديمقراطية في أنشطة الصف والتعلم التعاوني وحل المشكلات التي تتطلب قوة إبداعية. وهذه المشكلات جميعها أصبحت تشكل الآن عقبات كبرى أمام توفير تعليم أفضل. وإلى جانب التحدي المزدوج وهو الارتقاء بمستويات التعليم وتحقيق التكافؤ في توفيره. وهو يثير تساؤلات على نهج التعليم وأساليبه ومضامينه والشروط اللازمة لضمان فعاليته.

ليست الأزمة في معرفة كيف تتم صناعة المناهج كحل لتدني نوعية التعليم. ولكن الأزمة في كيفية توفير مناخ التنفيذ، وهذا المناخ يتمثل في المدرسة التي لا تستطيع أن توفر جميع الإمكانات لتحقيق جودة منهج عالمي. من خلال المعامل والفصول الأقل عددا والوسائط المتعددة وكذلك المعلم نفسه.

 

7- الانقطاع عن الدراسة:

ومن جملة التحديات الانقطاع عن الدراسة. إذ أن من أهم العوامل المساعدة على التعلم بعد توافر الكتب هو الوقت الذي يقضيه المرء في وسط يجري فيه التعلم. وكل انقطاع وكل عارض يؤدي إلى تقليص الوقت المتاح للتعلم من شأنه النيل من نوعية النتائج. وينبغي أن يحرص المسئولون عن السياسات التربوية على أن تكون السنة الدراسية المقررة رسميا هي حقا في معظم الحالات السنة الدراسية الفعلية.

 

8- العجز التربوي:

إن عجز النظام التربوي عن إخراج المبدعين له أكثر من دلالة خطيرة. ولعل أبرزها اهتزاز الثقة بهذا النظام. فأمريكا التي تنفرد بقيادة العالم عندما سبقها الاتحاد السوفييتي إلى غزو الفضاء. اعتبرت أن السبب هو عجز في النظام التربوي التعليمي. فشكلت اللجان لإنقاذ ما أسمته (أمة في خطر). بل إن جورج بوش قال في حملته الانتخابية أنه سيكون رئيس التربية والتعليم. ويلاحظ أن نظامنا التربوي قد غابت عنه عقلية التخطيط وعقلية التخصص وعقلية النقد والمراجعة ووجود الفراغ. والقابلية للغزو الثقافي والاستلاب الحضاري والاغتراب التاريخي. وهذا معناه أن العطب قد لحق بأجهزة العملية التربوية والتعليمية.

================== ------- -----

***********************


***********************

هل اعجبك الموضوع :
author-img
استاذ جامعي وباحث اكاديمي ومدون

تعليقات